لقد كرهت مهنة التدريس … كيف نجعل المدرسة مكانًا جاذبًا للمعلم؟

ستقدم هذه المقالة حلًا سحريًا للمدراء والنُّظار والمسؤولين لتحويل المدرسة إلى بيئة عمل جاذبة لمعلميها، ولعل سؤالاً سيلوح ببال القارئ الكريم كيف ذلك ؟؟؟

نتفق جميعًا أن الأموال ليست  المصدر الوحيد للسعادة وأن هذه المقولة صحيحة 100% ، لأنه كما يقال بالعامية “الفلوس مش كل حاجة”، والسبب أن هناك أمور كثيرة في حياتنا تمنحنا السعادة والرضا ومنها حب المجموعة التي ننتمي إليها لنا وتقديرهم لجهودنا وإعجابهم بأفكارنا وسؤالهم عن أخبارنا ومشاركتهم لنا أفراحنا وأحزاننا وآمالنا وأحلامنا.

إن الحل السحري الذي تقدمه مقالة اليوم أوجهه لكل مهتم بالتعليم وتطويره، لأن من يعمل بعيدًا عن المعلم لن يصل إلى مايريد. فالمعلم هو الأساس والمعلم هو من يحرث وديان التفكير في عقول أبنائنا الطلاب، وهو من ينقيها من الآفات العلمية والأخلاقية، وهو الذي قال عنه الشاعر كاد المعلم أن يكون رسولًا. والرسل ما بعثوا إلا لهداية الناس وإرشادهم إلى الخير وإلى إعمار الكون وتطهير حياتهم من كل ما يعكرها. كذلك المعلم، جاء هاديًا لطلابه محبًا لهم، ولا أحد يتمنى أن يكون أحد أفضل منه إلا اثنان الوالدان والمعلم. فهو يحترق ليتعلم طلابه، يحترق ليرقى بفكرهم، يحترق ليضيء طريقهم، يحترق ليخرجهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم والمعرفة. لذلك يجب أن تكون بيئة العمل ( المدرسة – الجامعة ) بيئة جاذبة لهذا المعلم، ولا يجب أن نحولها لسجن يقضي فيه المعلم بعض الوقت مقابل حفنة من الدراهم، وليته يتخلص من هذا السجن فور خروجه منه بل نتعقبه بالكثير من الأعمال الروتينية التي تثقل كاهله أكثر فأكثر وتحول منزله إلى جحيم.
لكي لا أطيل على القارئ الكريم سأوجه لك الآن مجموعة من الأسئلة المهمة لتفكر فيها:

  • هل تشعر بالمتعة في مكان يجبرك دائمًا على تنفيذ كل شيء دون نقاش؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان تشعر فيه بتسلط المدير عليك ؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان تجد نفسك تجلد فيه يوميًا تتعرض للنقد أو اللوم ولا يتجاوز فيه عن أخطائك؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان يصادر فيه رأيك وتتحول إلى آلة لايحق لها أن تشارك في إبداء الرأي وتقديم المشورة؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان تشعر فيه بعدم الأمان ؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان يتم فيه تصيد الأخطاء والهنات؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان يحجر على تفكيرك ويمنعك من التطوير والتجديد والابتكار؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان لا يبادلك أحد فيه الاهتمام؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان لا يبادلك أحد فيه الاحترام؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان لا يشاركك أحد فيه ميولاتك واهتماماتك و هواياتك؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان تنعدم فيه الثقة المتبادلة؟
  • هل تشعر بالأمان في مكان تنعدم فيه روح الإخاء والمحبة والتسامح؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان يعلو فيه صوت التنافس والمعارك غير الشريفة؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان ينعدم فيه التعاون وروح الجماعة؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان لا يحترم العلاقات الإنسانية ولا يقدسها؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان مليء بالضغوط المهنية؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان لا يدافع عنك أمام المسؤولين، أو أمام أولياء الأمور أو وسائل الإعلام؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان مديره يوجه كل اهتمامه نحو إنجاز العمل بأي شكل مهما كانت الضريبة التي سيدفعها المكلف بالعمل؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان لا يسأل عنك فيه أحد إذا مرضت، أو أصبت أو أصابك مصاب في بيتك أو ولدك؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان لم يكافئ جهودك وتميزك ولو بشكل معنوي؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان أنت غير مقتنع فيه باللوائح والقوانين التي تحكمه لأنك تراها مجرد قيود وروتين لافائدة منه؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان لايجمع أعضاءه هدف واضح مشترك؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان له رسالة ورؤية تختلف عن رسالتك ورؤيتك؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان لاتشعر بالانتماء إليه؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان لا يدعمك فيه زملاؤك و لا مديرك؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان ينظر فيه إليك الطلاب على أنك متصلب عقليًا، عاجز عن ابتكار شيء؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان لا توجد فيه قيم وأخلاقيات مهنية مشتركة؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان تكون فيه متلقيا للأوامر والتعليمات طول الوقت ولا مجال للمشاركة في صنع أو اتخاذ القرارات؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان لا توجد فيه روح الالتزام المهني وتقديس العمل وإتقانه عن حب؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان ليس للزمالة فيه حقوق؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان لا تشعر فيه بأنك فاعلً مؤثر فيمن حولك؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان تنعدم فيه روح العمل الجماعي والتكامل؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان لا وجود فيه للدعابة، ولا للترفيه؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان لا يشعر بمشاكلك الشخصية ولا يتواصل معك وجدانيًا لعبورها وتجاوزها؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان تملؤه المحسوبية والوساطة والفساد الإداري والنفاق المؤسسي؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان تملؤه الصراعات والمكائد والنكايات والازدلاف إلى الرؤساء على حسابك؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان بعد أن تغادره لاتجد من يسأل عنك من زملائك ولا مديريك؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان يستوي فيه المجتهدون والمتكاسلون، والمتصلبون والمبتكرون ؟
  • هل تشعر بالمتعة في مكان لا تفخر بعضويتك فيه ولا تتشرف بانتمائك وانتسابك إلى أعضائه؟

لاشك عزيزي القارئ أنك قد توصلت الآن إلى الإجابة على السؤال الذي طرحته في أول المقالة: كيف نحول المدرسة إلى بيئة جاذبة للمعلم؟؟؟

وتأكدت بأن الأجرة ليست مصدرًا للسعادة كما يتوهم الكثيرون، نحتاج فقط إلى أن يقف كل مسؤول عن التعليم في وطننا العربي مع نفسه ويجيب على السؤال: هل أوفر للسادة المعلمين الأشياء التي تشعرهم بالمتعة أثناء العمل في مهنة التدريس ؟ هل أساعد في بناء بيئة جاذبة للمعلم؟

معاشر المسؤولين معاشر النظار معاشر المدراء معاشر الوزراء، البيئة المدرسية الجاذبة لا تحتاج إلى قرارات عنترية، لا تحتاج إلى ميزانيات، ولكنها تحتاج إلى إنسانيات، معاشر المسؤولين استقيموا يرحمكم الله.

البحث في Google:





عن محمود أحمد الرفاعي حسانين

مدرس علم النفس التعليمي المساعد بقسم علم النفس التعليمي بكلية التربية بالدقهلية جامعة الأزهر ، جمهورية مصر العربية.

8 تعليقات

  1. بوبكر بهناس

    فعلا انه الواقع المر الذي يعيشه المعلم بين جدران القسم ولعل المناخ والبيئة التي نعيشها ليست تلك التي عشناها في زمن مضى لكن هذا التغير له عدةعوامل واسباب منها العولمة ….التكنولوجيا….

  2. أم نايف

    وكأنك والله تحكي عن واقع المدرسه إلي أعمل بها جزاك الله خبر الجزاء وكثر من أمثالك تكلمت عن موضوع في غايبه الأهمية وأنا أقرأ أحسست بالدموع في عيني تكلمت عن جروح عميقه والله المستعان لعلماء كلامك هذا يلامس قلوب المتسلطين ومن ليس لهم ضمير

  3. فاروق يونس

    كتبت تعليقا ولم يظهر لماذا؟

  4. لا نريد من المعلم ان يحترق و‘نما نريد منه ان يكون مثل الانزيم يحفز الفعل التعليمي التعلمي ولا يستهلك فيه .

  5. فاروق يونس

    صحيح ليس المال كل شيء لكن نظام السخرة المجانية عفى عليه الزمن منذ وقت بعيد رنظرا للمكانة العلمية والتربوية والاجتماعية التي يتمتع بها المعلم في الدول المتقدمة فانه يتمتع برواتب و حوافز تفوق ما يحصل عليه الموظف الاعتيادي وهكذا هو الحال في اليابان على سبيل المثال لماذا يكره المعلم التدريس ؟ السبب المباشر الاول هو ان يكون النظام التعليمي قاءم على التلقين كما هو الحال في مدارسنا في البلاد العربية ولكن شيءا من هذا القبيل لا يحصل عندنا لماذا؟ لان المعلم لا يمارس التعليم بل مقيم وعلى الحفظ والتلقين تلك هي المشكلة ما قول الكاتب المحترم؟ بيءة التعليم تقوم على تحفيذ الابداع والتفكير من اجل البحث عن الحلول الممكنة اما ما ذكره الكاتب على اهميته فانه لا يستوجب الهرب والتنصل من مسوءلية المعلم تجاه تلاميذه ومجتمعه وضميره الحي
    خاص احترامي وتقديري للكاتب المحترم
    لا ادري لماذا لم يظهر تعليقي السابق —

  6. د . اخلاص محمد

    مقال من صدقه يحرك المواجع وللاسف هناك صيحة مقابلة
    لقد كرهت الذهاب للمدرسة ……. كيف نجعل البيبئة المدرسية مكانا جاذبا للتعلم
    وكره المعلم للاسف يترتب عليه كره الطالب للمدرسة

  7. ربيع ربيع

    كفاك في الناس مقاما مكرما…….أنهم يدعونك والرسول معلما

    عش شامخا في العلياء كالنجم……ضياء و سناء للأنام معلما

    فما ضر الأصيل نكران خصاله…مادام يقينا على الحق قائما

    بئس قوم استباحوك عرضا………ونالوا منك بطرا وتهكما

    ما قدروك أم كيف يهان الذي……أم بالأمس الإمام المعمما

    وأسهب بالدرس لكل مهندس….. طبيب وطيار علا في السما

    قل لذا الرئيس ومن دونه………..كنت صنيع من رباك معلما

    قف طيعا فلربما وفيت …………..من علمك يوما تمسك القلما

    الاستاذ: ب ربيع

    ان يكون الكلام شعرا اونثرا لايهم فما كان من القلب الى القلب وصل…………………………

  8. د. محمود أبو فنه

    أتّفق مع الكاتب محمود أحمد الرفاعي حسانين في ضرورة
    توفير البيئة الداعمة للمعلّم المتمثّلة بالمسؤولين
    من وزراء ومفتشين وموجّهين ومديرين، كذلك أتّفق معه
    في ضرورة تغيير طرائق التدريس وفي ضرورة زيادة رواتب
    المعلّمين وتحسين ظروف عملهم وو.. ليشعر المعلّم بالأمان
    وبالحرية. ولكن هناك أمور تتعلّق بالمعلّم نفسه تتمثّل
    في ثقافته ومعارفه وشخصيّته وإيمانه برسالته.
    وسؤالي: لماذا لا يتعاون المعلّمون مع بعضهم البعض؟
    ولماذا لا يتواصلون ويبنون العلاقات الدافئة الداعمة؟
    ولماذا لا ينجح المعلّمون في بناء جسور التفاهم مع الأهالي؟
    ولماذا لا ينجح المعلّمون في خلق علاقات الاحترام والمودّة
    مع طلابهم؟
    ومن يمنع المعلّمين من التجدّد واستخدام الأساليب التي تحبّب
    الطلاب بهم وبتدريسهم؟
    أعتقد أنّ على المعلّمين تقع مسؤوليّة كبيرة لتغيير هذه الأجواء
    القاتمة السوداء التي تسود في مدارسهم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *