الذكاء

البعد الأخلاقي للذكاء الإصطناعي

المقدمة

شهدت السنوات الأخيرة ثورة تكنولوجية هائلة أدت إلى وصول العقل البشري إلى ابتكار ذكاء يحاكي ذكاءه، ساعد على تطوير ظروف معيشتنا وتسهيل حياتنا من خلال توفير كل أساليب الراحة والرفاهية، إذ أن التطور الكبير في ميدان الذكاء الاصطناعي المتمثل في ظهور أنظمة مبرمجة، مثل: مساعدة الطبيب في المجال الطبي، والسيارات الذكية، والوكيل الذكي، والروبوتات وغيرها من التطبيقات التي أصبح لها دوراً فاعلاً في المجتمعات المتطورة.

أدت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الجديدة إلى حدوث نقلة نوعية في مساعدة الأفراد على إنجاز مهامهم الاجتماعية والمهنية، كاستخدام الإنسان الآلي في الأعمال الصناعية الشاقة والخطرة، وفي ميادين المعارك العسكرية ومتابعة الحالة الصحية للمرضى، وتوفير المساعدة لذوي الإعاقة وغير ذلك، لكن في ذات الوقت أوجدت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي العديد من التساؤلات الأخلاقية السلبية المترتبة على تصاعد الاعتماد عليها، والتي يمكن تشعيبها إلى تداعيات اجتماعية، واقتصادية، وأمنية وقانونية، وهو الأمر الذي حول أنظار العالم إلى ضرورة وضع إطار أخلاقي يحدد التعامل مع الذكاء الاصطناعي في مجتمع المعلوماتية. وهذا ما يدفعنا إلى القول بأن عدالة مجتمع  المعلومات لا يتحقق بواسطة القانون وحده ولكن من خلال الفضائل والقيم والأخلاقيات العامة.

للحديث عن إطار أخلاقي للتعامل مع مجتمع الذكاء الاصطناعي، علينا بداية التسليم بالقول بأن الأخلاق في مجتمع الذكاء الاصطناعي هي فن ممارسة الحياة وإيجاد البديل الأفضل في ظل مجموعة البدائل المتاحة التي تحيط بالإنسان، وبذلك يصبح البعد الأخلاقي هو السلطة المعنوية التي تلجأ إليها للحكم على سلوكيات الناس وضبط حركة المجتمع وتوجيهها نحو الخير والعدل والصواب. فبينما يسير البحث العلمي بسرعة فائقة في ما يتعلق بالجوانب التقنية للذكاء الاصطناعي نجده صغيراً عندما يتعلق الأمر بالبعد الأخلاقي، حيث أن بعض الدول شرعت في التفكير الجديَ حول هذه المسألة، لكنه حتى اليوم لا يوجد أي إطار قانوني أو مدونات أخلاقية تضبط التوجهات المستقبلية لتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي.

1- مفهوم الذكاء الاصطناعي (AI )        

يعرف الذكاء الاصطناعي بأنه علم من علوم الحاسوب يختص بالتمثيل والتصميم والبرمجة، أي عمل نماذج حاسوبية في مجالات الحياة المختلفة. إذ أنه مصطلح يشير إلى الأنظمة والأجهزة التي تحاكي الذكاء البشري، والتي يمكنها أن تحسن من نفسها استناداً إلى المعلومات التي تجمعها، فهو مصطلح يتعلق بالقدرة على التفكير الفائق وتحليل البيانات، أكثر من تعلقه بشكل معين أو وظيفة معينة. وعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يقدم صوراً عن الروبوتات العالية الأداء الشبيهة بالإنسان التي تسيطر على العالم، إلا أنه لا يهدف إلى أن يحل محل البشر، بل يهدف إلى تعزيز القدرات والمساهمات البشرية بشكل كبير.

2- أنواع الذكاء الاصطناعي

– الذكاء الاصطناعي المحدود (الضيق)

هو أحد أنواع الذكاء الاصطناعي الأكثر شيوعاً واستخداماً في الحياة اليومية، ونراه في العديد من الأجهزة والتطبيقات في جميع المجالات تقريباُ، حيث أن هذا النوع يكون محددا بمهمة واحدة فقط لأدائها بشكل مشابه للبشر..

ومن الأمثلة عليه

– محركات البحث  Google /Bing   تستخدمه في التعرف على كلمات بحث المستخدم وعرض أكثر النتائج المطابقة للبحث.

– الخدمة الصوتية الذكية Google Assistant تقوم بتنفيذ الأوامر التي تمت برمجتها سابقاً من خلال تقنية التعرف على الصوت.

– خرائط جوجل Google Maps هو تطبيق يستخدم لمعرفة الأماكن وتحديد أقصر الطرق والوقت المستغرق للوصول ومعرفة حالة الطريق.

الذكاء الاصطناعي العام

هذا النوع معقد نوعاً ما، حيث تتم محاولة الوصول إلى إدراك الآلات للمشاعر وطريقة التفكير البشري وتخزين المعلومات في الذاكرة، أي تطوير محاكاة العقل، وهذا النوع ما زال قيد الدراسة، فهو ما زال خيالاً نراه في الأفلام فقط.

3- البعد الأخلاقي للذكاء الاصطناعي

في حين أن الذكاء الاصطناعي يمثل أصلا مذهلاً للتنمية المسؤولة في مجتمعاتنا، إلا أنه يثير قضايا أخلاقية كبرى: كيف يمكننا من أن نتأكد أن الخوارزميات لا تنتهك حقوق الإنسان الأساسية من الخصوصية وسرية البيانات إلى حرية الاختيار وحرية الضمير؟ كيف يمكننا ضمان عدم تكرار الصور النمطية الاجتماعية والثقافية في برامج الذكاء الاصطناعي، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالتمييز بين الجنسيين؟ كيف يمكن ضمان تطوير الذكاء الاصطناعي بطريقة شفافة بحيث يكون للمواطنين الذين تتأثر حياتهم به رأي في تطويره؟

كذلك، توجد العديد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي لديها القدرة على خلق الصوت لتعديل الكلام، وهذا يعني أنه يمكن التلاعب بمقاطع الصوت لأي شخص حتى صارت مقاطع الصوت عبارة عن عجين تصنع منه ما نشاء وبالنبرة التي تريدها، بالإضافة إلى تطبيقات متقدمة تجعلك قادراً على تزييف البصمة الصوتية لأي شخص كان.

في هذا الإطار اهتمت بعض الشركات المنتجة للذكاء الاصطناعي بالجانب الأخلاقي لمنتجاتهم، وحرصت على وضع ضوابط أخلاقية لتعامل الإنسان مع الآلة وتعامل الآلة مع الإنسان.

4- السياسات التي يجب اتباعها في مراعاة البعد الأخلاقي للذكاء الاصطناعي:

سياسات تتعلق بالسلامة والأمن كتوافر زر الأمان او مفاتيح لتشغيل وإيقاف الروبوت بحيث يكون المشغلون قادرين على الحد من استقلالية الروبوتات عند عدم ضمان السلوك السليم للروبوت، وكذلك الصندوق الأسود للطائرة القادر على تسجيل وتوثيق سلوكيات الروبوت.

سياسات تتعلق بالسرية والخصوصية كوضع أنظمة التشفير وكلمة المرور للبيانات الحساسة اللازمة للروبوت لأداء مهامها أو تسجيل البيانات المكتسبة خلال نشاطها، والمحافظة على حق الإنسان في الخصوصية، وعدم السماح لتقنيات الذكاء الاصطناعي بالمراقبة والتصنت والتسجيل غير القانوني و غير الأخلاقي.

تحديد الهوية حيث يجب توفير أرقام هوية وأرقام تسلسلية لتقنيات الذكاء الاصطناعي  كما هو موجود في السيارات والمركبات الأخرى.

– سياسات تتعلق بالقيم بأن يتوافق النظام الذكي مع القيم والمبادئ الأخلاقية لحقوق الإنسان، وأيضاً أن لا ينتمي الروبوت إلى عرق أو يسبب أي عنصرية أو اختلافات أو تحيز.

خاتمة

إن العالم يخلو من السياسات الأخلاقية للذكاء الاصطناعي، لذلك نحن بحاجة إلى سياسات أخلاقية تساهم في ضبط السلوك الروبوتي وتعمل على مواجهة الخطر الأخلاقي للأنظمة الآلية، بحيث تكون أنظمة الذكاء الاصطناعي عادلة وتطبق الشفافية وخاضعة للمساءلة وقابلة للفهم.

المراجع
سباع، أحمد الصالح، يوسفي، محمد، و ملوكي، عمر. (2018) .تطبيق استراتيجيات الذكاء الاصطناعي على المستوى الدولي: الإمارات العربية المتحدة نموذجا. مجلة الميادين الاقتصادية، مج1 ,ع1 ،31 – 43 .
درار، خديجة محمد. (2019) .أخلاقيات الذكاء الاصطناعي والروبوت: دراسة تحليلية. المجلة الدولية لعلوم المكتبات والمعلومات، مج6 ,ع3. 271 -237.
لشربيني، عمرو إبراهيم محمد. (2021) .تأثير تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي على العمل الشرطي لمواجهة الحروب النفسية. مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، عدد خاص، 976 – 1035 .
تياجى، اميت، و السلمى، عفاف سفر. (2018) .الذكاء الاصطناعي: نعمة أم نقمة. مجلة دراسات المعلومات، ع21 ،191 – 208 .
 بكر، عبدالجواد السيد، و طه، محمود إبراهيم عبدالعزيز. (2019).الذكاء الاصطناعي: سياساته وبرامجه وتطبيقاته في التعليم العالي: منظور دولي. مجلة التربية، ع184 ,ج3 ،383 – 432 .
681913/Record/com.mandumah.search://h
 

البحث في Google:





عن رامية خليل مفارجة

بكالوريوس إدارة أعمال، ماجستير تطبيقات موارد بشرية تطبيقية، تعمل لدى وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *