لماذا نتعلم التربية الجمالية

التربية الجمالية في العلوم : المفهوم، المبادئ، الشروط…

جميعنا مر بفترة الطفولة، وعايشنا أيام الدراسة، ومشاعرنا في حصة العلوم، فمن منا لا يستشعر لذة قصة قصها معلم العلوم على أسماعنا كقصة أرشميدس في كيفية اكتشافه لقانون الطفو.

ولا زلنا نذكر ذلك المدرس الذي أخبرنا طرفة علمية عن العالم بور عند سؤاله عن كيفية تحديد ارتفاع ناطحة سحاب باستخدام البارومتر، ولا زالت عالقة في أذهاننا.

أو شعراً تذوقناه في وصف جمال مادة الفيزياء، وكم شعرنا من متعة في مسرحية شاهدناها أو شاركنا في تمثيلها حول طبيعة الضوء.

وكم شعرنا من جمال في تجربة قمنا بإجرائها، ورسماً كاريكاتيرياً رسمناه، أو فيلماً كرتونياً في اكتشاف مفهوم علمي. أو يوماً جميلاً لامسنا جوانبه عند تنفيذنا لعمل تطوعي في الحفاظ على البيئة. ولا ننسى ربط العلوم بآيات قرآنية، كما في اكتشاف النجوم وكيفية تكوّن السحب والأجنة في الأرحام والتي أعطتنا شعوراً بالاستمتاع وعظمة الله في خلقه.

إن تذوق الجمال له الأثر الواضح في فتح القلوب فهو عامل مشترك لا بد على المعلم أن يتعهده في طلابه، فالتربية الجمالية لها الدور الكبير في تشكيل الشخصية الإنسانية.

إن ندرة الاهتمام بالتربية الجمالية يؤدي إلى وجود أفراد فاقدين للحس الجمالي وما نلاحظه اليوم من الألفاظ النابية والنفايات الملقاة على الأرض وأصوات السيارات المزعجة والتي لا تراعي جوانب الجمال أكبر دليل على فقدان الحس الجمالي عند الأفراد.

ومن خلال مدخل التربية الجمـالية يكتسـب الفرد خصائص تنمي لديه الجمال، وتنعكس آثار هذه الخصائص على العالم الـذي يعيش فيه. فيكون لديه حس مرهف واهتمام في البيئة.

1- مفهوم التربية الجمالية

هي تكوين القيم الجمالية عند الطلبة وصقل قدراتهم على استشعار الجمال وإدراكه فيما حولهم وتمثله في كافة جوانب الحياة.

أ- القيم الجمالية  

هي تفصيل الطالب لكل ما هو جميل ومرغوب فيه في المحيط الذي يعيش فيه وفق نشاطه المعرفي وعلاقاته الاجتماعية.

ب- مراحل تكوين القيم الجمالية

يمكن تكوين القيم الجمالية بإحدى طريقتين هما:

  • الطريقة المباشرة: ويتم الحديث عن أهمية هذه القيم داخل الدروس، وفي الإذاعة المدرسية، ومن خلال الإعلانات داخل المدرسة كذلك عن طريق المرشد التربوي والمعلمين، وذلك أثناء حديثهم عن أمثلة وأشخاص ونماذج من التاريخ اتصفت بهذه القيم وكان لها أثر في تذوق الجمال وأكبر مثال على ذلك في خير الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتعميم فكرة التربية الجمالية على الأفكار والأشياء والفنون والحاجات.
  • الطريقة غير المباشرة: وهي طريقة القدوة وذلك من خلال تجسيد هذه القيم من قبل المعلمين في الملبس واختيار الألوان وتنظيم البيئة الفيزيقية داخل الفصل.

2- أهمية التربية الجمالية

تبرز أهمية التربية الجمالية فيما يلي:

  • تجعل الحياة أكثر متعة، فقيمة الجمال روحية ولو اقتصرت نظرتنا للحياة على جانبها النفعي المادي لأصبحت الحياة رتيبة ومملة.
  • تعد التربية الجمالية أحد خطوط الدفاع المهمـة فـي وجـه تحـديات القرن الحادي والعشرين.
  • يتحقق التكافل الاجتماعي في أجمل صورة في ظل التربية الجمالية التي تساعد على تحقيق رقة مشاعر الأفراد.
  • نعيش في مجتمع المعلومات وفي ظل التكنولوجيا، لذا نحن في أمس الحاجة إلى تنمية الإحساس بالجمال وتذوقه في وجدان طلابنا.
  • تعد التربية الجمالية أحد متطلبات الحياة العصرية، فالمتعلم يحتاج إلى الإشباع الوجداني وخاصة الإحساس بالجمال الذي يعد وسيلة رئيسة تعطي للحياة معنى وبهجة.

3- مبادئ التربية الجمالية

مما لا شك فيه أن التربية الجمالية لها أهميتها، لِذا على نظامنا التعليمي المسارعة في تحقيقها في مختلف المراحل، فهي تقوم على مبادئ عدة وهي:

  • التأكيد على وجود التربية في جميع مواد الدراسة.
  • التأكيد على التربية الجمالية في المرحلة الجامعية.
  • يجب إحداث التكامل في الموضوعات المختلفة ببعض الانفعالات المصاحبة، مثل الشعور بالتأثر عند مشاهدة مظهر من مظاهر الإهدار، أو التأثر بسماع منظومة شعرية.
  • طريقة عرض المعلومات والحقائق بشكل منفصل مفكك لا يساعد على تحقيق الوعي الجمالي.
  • التأكيد على تحقيق التربية الجمالية في جميع المناهج الدراسية.

4- شروط نجاح التربية الجمالية

حتى تتحقق التربية الجمالية لابد من توفر الشروط الآتية:

  • تحقيقها من قبل المناهج الدراسية كافة، وفي جميع المراحل الدراسية.
  • يشترك جميع المعلمين بمختلف تخصصاتهم في تحقيقها، ولا تقتصر على معلم الفنون فقط.
  • الجمال هو أحد جوانب العملية التربوية ككل، ولكي يشعر المتعلم بتذوق جمال المادة لابد من تكاملها واهتمامها بإثارة الإحساس بالجمال عند المتعلمين وبمساهمة المعلمين.

5- التربية الجمالية في تدريس العلوم

يؤكد خبراء مناهج العلوم وطرق تدريسها على ضرورة استخدام مدخل القصص العلمية والخيال العلمي بما يضمن الشعور بقدر من الجمال عند المتعلمين، تصاحبه انفعالات السعادة والبهجة والسرور عندما يتعرض لدراسة الموضوعات العلمية، كذلك في حال استخدامه لبرامج المحاكاة في التدريس، وتوظيف الرحلات المعرفية، والرسوم والمفاهيم الكرتونية. لذا ينبغي على معلم العلوم مساعدة المتعلمين في مختلف المراحل على التأمل في الجوانب الجمالية في الظواهر العلمية المختلفة. وبذلك يشعر المتعلم بالاستمتاع بهذه الموضوعات مما يحقق التقدم العلمي ويساعد في تحقيق أهداف تدريس العلوم.

إن استخدام التربية الجمالية في التربية العلمية يؤكد على عدة اعتبارات هي:

  • الفن والخيال يلعبان دوراً بارزاً في نجاح المدخل الجمالي في التربية العلمية.
  • إبراز النواحي الفنية والجمالية المرتبطة بالمكون الجمالي في الظواهر العلمية.
  • القصص العلمية المرتبطة بالاكتشافات والاختراعات والصعوبات التي واجهت أصحابها في سبيل إثبات أفكارهم العلمية وما يرتبط بذلك من نواح جمالية.
  • الخيال العلمي الذي اتسع انتشاره حالياً في وسائل الإعلام وسيلة فعالة لاستخدام المدخل الجمالي في التربية العلمية.
  • توفير مصادر تعلم ووسائل تعليمية ومعينات تساعد على تأكيد النواحي الجمالية.
  • استثارة سلوك الاستكشاف وحب الاستطلاع والخيال لدى المتعلمين في سن مبكرة بطرق مختلفة.
  • يشترط أن يكون لدى معلم العلوم قدر من الإحساس بالجمال حتى ينجح في إثارة استمتاع المتعلمين.

المراجع:

  • البليهي، أروى بنت سليمان (2017): واقع التربية الجمالية في المرحلة الثانوية وسبل تنميتها من وجهة نظر المعلمات بمدينة الرياض، المجلة العلمية لكلية التربية- جامعة أسيوط، المجلد 23، العدد السابع، مصر.
  • الشربين، فوزي (2005): التربية الجمالية بمناهج التعليم، المؤتمر العلمي التاسع- معوقات التربية العلمية في الوطن العربي للتشخيص والحلول، مجلد 1، الجمعية المصرية للتربية العلمية، مصر.
  • عبد، لمياء عدنان (2012): القيم الجمالية لدى طلبة المرحلة الثانوية ذوي النمط البصري والنمط الذاتي – دراسة مقارنة-، مجلة كلية التربية الأساسية، العدد 74، العراق.

البحث في Google:





عن فداء محمود الشوبكي

معلمة في وزارة التربية والتعليم - حاصلة على ماجستير في المناهج وطرق التدريس - شاركت في عدد من المؤتمرات والأيام الدراسية - نشرت لها بعض الأبحاث - غزة، فلسطين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *