الرضا الوظيفي

النظريات الرئيسة في الرضا الوظيفي

مع تطور مفهوم الإدارة، نظرياتها وأساليبها، وتعقد المؤسسات وزيادة المسؤوليات والمهام وعدد العاملين فيها، جاءت المحاولات الكثيرة لصياغة نظريات تتعلق بالرؤية الإدارية، حيث اعتمدت كثير من المؤسسات تركيباً وظيفياً يستلزم قيادات فاعلة لدعم الأداء الوظيفي وتحسينه، لما له من أثر في زيادة كفاءة العاملين وفاعليتهم، وبالتالي تحقيق أهداف المؤسسة.

الرضا الوظيفي job satisfaction

لقد جاء التركيز على دراسة درجة الرضا الوظيفي للعاملين في التنظيمات من الافتراض القائل إن الشخص الراضي عن عمله أكثر إنتاجية من زميله غير الراضي عن عمله. ولا يزال هذا الافتراض موجوداً كما أثبتت دراسة ليكرت (Likert) وتايلور (Taylor)، في حين أن بعضها أوضح عدم وجود علاقة مباشرة بين الرضا الوظيفي وانتاجية العاملين مثل فروم (Vroom) وبرد (Baird) وفشر (Fisher).

إن الرضا عن العمل يعكس درجة إدراك الفرد للعمل وظروفه، كما أنه يرتبط بمشاعر الفرد وإحساسه تجاه العمل والتي يعبر عنها بمدى إشباع العمل لحاجات الفرد.

ويمكن تعريفه بأنه إحساس نفسي بالسعادة والارتياح، كذلك إشباع الرغبات والحاجات وتوقعات الأشخاص من العمل والبيئة المتعلقة بالعمل، إضافة إلى الشعور بالانتماء والولاء للمهنة.

ويعد الرضا الوظيفي للمعلمين من أهم العوامل المؤثرة على بذل المزيد من الجهود باتجاه تحسين وتطوير أداء المعلمين وبالتالي تطوير العملية التعليمية، حيث أكدت العديد من الدراسات أنه يساهم في الحفاظ على مستوى عال من الأداء لدى العاملين. في حين اعتبره البعض مدى قبول أو رفض العاملين لمهنتهم وأدائهم نتيجة للإجراءات المتبعة بالمؤسسة والمتعلقة بطبيعة عملهم بناء على السياسة التي تتبعها الإدارة.

ويعده البعض مجموعة من المشاعر التي يقيم بها العاملون عملهم حيث تم ربطه بعدد من المتغيرات مثل الأجور والتوجيه وظروف العمل والإحساس بالمسؤولية. في حين ارتبط لدى الآخرين بأبعاد أخرى مثل: طبيعة العمل، الأجور، الترقيات، والإشراف، والعلاقات مع الزملاء.

النظريات الرئيسة في الرضا الوظيفي

لعل نظريات دوافع العمل ليست حديثة نسبياً، فقد مرت بمراحل أدت إلى تطورها، وأشهرها ظهوراً وانتشاراً ارتبطت بالإدارة العلمية (Scientific Management) التي كانت نتاج جهود فريدريك تايلور في ثلاثينيات القرن الماضي. أما النظريات الحديثة لدوافع العمل، فقد ظهرت في الخمسينيات من القرن الماضي، وكانت أبرزها:

 نظرية ماسلو (Maslow)

أطلق عليها أيضاً “سلم ماسلو للحاجات”، التي تفترض أن حاجات الفرد غير المشبعة تشكل منطلقاً لدافعيته، مرتبة في سلم هرمي. والحاجة لا تشكل الدافعية إلا إذا أشبعت الحاجات الأدنى في ذلك الهرم. ويفترض ماسلو أن السبب الأول لانتماء الأشخاص لأي نظام هو التسلسل لهرم الحاجات، وأن عدم إشباع الحاجات قد يؤدي إلى اختلال الاتزان الأمر الذي يستدعي سلوكاً لإعادة التوازن. وقد يتسبب عدم تلبية حاجات الإنسان إلى سلوكيات سلبية، مثل عدم الرغبة في العمل.

نظرية (XY) لماك جري جور

وضع أنماطاً حول سلوكيات الأشخاص اعتبرت مثالية، حيث (X) سلبية، (Y) إيجابية، حيث (Y) تتطابق مع نظرية الدافعية لتحقيق الذات في هرم ماسلو بشكل واضح، والتي بنيت على افتراض أن النضج وضبط الذات، من العناصر الموجهة للدافعية. وأن نظام المكافآت يجب أن يتوافق مع العوامل الداخلية لإثارة الدافعية. وافترضت النظرية أن شعور العاملين بالحرمان الناتج عن إهمال حاجاتهم الذاتية والاجتماعية قد يكون المسبب لإهمالهم في العمل وعدم إحساسهم بالمسؤولية.

 نظرية العدالة (Equity Theory)

تتمحور حول إمكانية تحفيز الناس بشكل أفضل عند معاملتهم بعدالة، والعكس صحيح، فانعدام العدالة في المعاملة يؤدي إلى التراجع في العمل وعدم الرضا، حيث تفترض النظرية عدالة المردود في تفسيرها للرضا الوظيفي، وأن الفرد يحاول الحصول على المردود أثناء قيامه بعمل ما، ويتوقف رضاه على مدى اتفاق العائد الذي يحصل عليه مع العمل الذي قام به.

نظرية فروم (Vroom)

وتسمى أيضاً نظرية “التوقع” وهي الأكثر حداثة في الظهور حيث فسرت الرضا الوظيفي على أساس المقارنة التي يجريها الفرد بين ما كان يتوقعه من عوائد السلوك الذي يتبعه وبين المنفعة الشخصية التي يحققها بالفعل، وهذه المقارنة تؤدي بالفرد إلى المفاضلة بين عدة بدائل مختلفة لاختيار نشاط معين يحقق العائد المتوقع بحيث تتطابق مع المنفعة التي يجنيها بالفعل، مادياً ومعنوياً.

الرضا الوظيفي

نظرية الانجاز (McClelland’s Needs Theory)

لخص مكليلاند الحاجات الأساسية المؤثرة على التحفيز في “الحاجة للانتماء، الحاجة للإنجاز، الحاجة للسلطة”.

  • الحاجة للانتماء: يتولد لدى الأشخاص الشعور بالسرور عندما يكونون محبوبين، والتعاسة عندما ترفضهم الجماعة، ويميلون إلى تكوين علاقات اجتماعية وصداقات مع الآخرين.
  • الحاجة للإنجاز: يتولد لدى الذين يرغبون بالنجاح ويخافون الفشل حاجة قوية للإنجاز، فهم يحبون التحدي ويضعون أهدافا كبيرة لتحقيقها، ويتحملون مسؤولية انجاز المهمات.
  • الحاجة إلى السلطة: وقد وجد أن الأشخاص الذين لديهم حاجة قوية للسلطة يميلون لممارسة أدوار مثل الإشراف والرقابة والتأثير، ويسعون غالباً للوصول إلى مناصب قيادية.

نظرية هيرزبرغ (Herzberg)

تعرف أيضاً بنظرية “Two-Factor Theory” وتتحدث عن احتمالية شعور العاملين بالرضا وعدم الرضا في آن واحد، حيث إن العوامل الوقائية (Hygiene-Factors) تحول دون انعدام الرضا، لكنها لا تحقق الرضا بذاته مثل، ظروف العمل والأجور، سياسات المؤسسة، والعلاقة مع الإدارة. أما العوامل الدافعة (Motivational Factors) فهي التي يشعر الفرد من خلالها بالرضا مثل: الترقية، المسؤولية، الاحترام والتقدير، والتي من شأنها أن تحقق الرضا لدى الأشخاص.

الرضا الوظيفي

وقد حدد هيرزبرغ خمسة عوامل ترتبط بالرضا الوظيفي، وهي: الإنجاز، وتقدير الجهد، والعمل نفسه، والتقدم، وركز على دور وظروف العمل في حياة الأشخاص، كما أن الدوافع الذاتية قد تعطي شعوراً إيجابياً للأفراد، يساهم في تطورهم مما يدفعهم للمزيد من العمل.

 

 


المراجع

العاجز، فؤاد ونشوان، محمد (2005). عوامل الرضا وتطوير فاعلية أداء المعلمين بمدارس وكالة الغوث الدولية بغزة، بحث مقدم إلى المؤتمر التربوي الأول، كلية التربية، الجامعة الإسلامية.

خليل، جواد وشرير، عزيزة (2008). الرضا الوظيفي وعلاقته ببعض المتغيرات (الديموغرافية) لدى المعلمين، مجلة الجامعة الإسلامية، مجلد (16)، العدد الأول 683-711.

حكيم، عبد الحميد (2009). الرضا الوظيفي لدى معلمي التعليم العام ومعلمي الفئات الخاصة من الجنسين “دراسة مقارنة”، جامعة ام القرى

العيسى، إيناس (2020)، إدارة الإدارة: إدارة التغيير وإدارة الجودة الشاملة والإدارة الإلكترونية، عمان، الأردن، دار الشروق.

العيسى، إيناس (2015)، متطلبات تطوير الممارسات القيادية لمديري المدارس في القدس على ضوء إدارة الجودة الشاملة، مجلة الترببة، جامعة عين شمس، العدد (17)، 2016

 

– Curral، Towler، Judge and Kohn (2005) ، Pay Satisfaction and Organizational Outcomes، Personnel Psychology، 58، 3.

– Brown، Zimmerman، Johnson، (2005) ، Consequences of Individual’s Fit at Work: A Meta- Analysis of Person- Job، Person- Organization، Person- Group، and Person- Supervisor Fit، Personnel Psychology، 58، 28-342.

Griffin ،M. Hogan n. ، Lambert e. ، gail k. ، baker d. (2010) job involvement ، job stress، job satisfaction ، and organizational commitment and the burnout of correctional staff

Chathoth K. ،Mak B. ،Jauhari V. ،mnaktola K. (2007). Employees’ Perceptions of Organizational Trust and SERVICE Climate: a structural Modle Combining Their Effects On Employee Satisfaction

البحث في Google:





عن د. إيناس عبّاد العيسى

بكالوريوس في الكيمياء والرياضيات والفيزياء، دبلوم عال في أساليب تدريس الرياضيات والعلوم. ماجستير في الإدارة من جامعة ليڤريول- بريطانيا، دبلوم عال في الإرشاد التربوي من الجامعة العبرية. ماجستير ثان في التربية من جامعة بيرزيت. دكتوراه في فلسفة التربية وقيادة المؤسسات التربوية. تعمل محاضرة في عدد من الجامعات والكليات والمؤسسات التربوية منها جامعة القدس المفتوحة، كلية المقاصد الجامعية، جامعة النجاح الوطنية، جامعة القدس، مركز إرشاد المعلمين، مركز إبداع المعلم وغيرها .. ناشطة مجتمعية، عضو مجلس أمناء وعضو هيئة إدارية في عدد من المؤسسات المحلية والدولية، سفيرة للعمل التطوعي في المنظمة الدولية للعمل التطوعي. لها عدد من المؤلفات في التربية وعلم الاجتماع والإدارة والقيادة. بالاضافة إلى عشرات الأبحاث والمقالات المنشورة بالعربية والإنجليزية ومنها مترجمة للفرنسية والعبرية في عدد من المجلات المحلية والعالمية. القدس. فلسطين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *