قياس أثر التدريب

قياس أثر التدريب وعلاقته بتخطيط الأهداف التدريبية

مقدمة

الحديث عن مفهوم قياس الأثر لبرامج التدريب وعلاقته بتخطيط الأهداف التدريبية وانعكاساته على أداء المستهدفين من البرامج التدريبية أُثير عالمياً منذ خمسينات القرن الماضي، ولا يزال يثار حتى يومنا هذا. فالعديد من المؤسسات التعليمية والتدريبية تستخدم التقييم كمفهوم لقياس تغييرالسلوك كنتيجة عملية لتطبيق ما تعلمه المتدرب في التدريب ليطبقه في مكان العمل، والبعض الآخر يستخدمه لمعرفة هل حققت البرامج التدريبية أهدافها أم لا، بينما يكتفي بإجراء التقييم الأولي الذي يتم إجراؤه مباشرة بعد انتهاء الأيام التدريبية، وهو تقييم يُركز على قياس ردة الفعل الأولية للمشاركين والتي تكشف عن مدى رضاهم عن التدريب.

نحو قياس أثر التدريب

بناء على هذه الاختلافات في وجهات النظر استمر خبراء التقييم في تحديث وتطوير نماذج تقييم تُركز على قياس الجوانب المتعلقة بالتدريب وعلاقته بتطوير الأداء الوظيفي، ودراسة الأثر النهائي للتدريب على تطوير عمل المؤسسة المستهدفة بشكل عام.

فتعددت النماذج التي تم الاستعانة بها في تقييم التدريب، ولكنها جميعاً اتفقت على إطارعام اشتمل على عدة مستويات زادت في بعض النماذج وقلت في بعضها، لكن أغلب النماذج اتفقت على المستويات الأربعة التالية:

المستوى الأول  يركز على قياس ردة فعل المتدربين.

المستوى الثاني  يقيس ما الذي اكتسبه المتدربون نتيجة التدريب.

وهذين المستويين يكونان داخل مكان التدريب ويتم قياسهما بشكل مباشر.

المستوى الثالث: يتعلق بكيفية تطبيق المتدربين للمعارف والمهارات المكتسبة من

التدريب أثناء العمل.

المستوى الرابع: يركز على قياس النتائج النهائية للتدريب ومساهمتها في تحقيق الأهداف العامة للمؤسسة التعليمية بشكل عام.

وهذين المستويين يكونان داخل مكان العمل ويتم القياس فيهما بطريقة غير مباشرة.

لكن في الحقيقية يجب الرجوع إلى شيء مهم، وهو تخطيط البرنامج التدريبي، وهل هو ملائم للأهداف التي وُضع من أجلها، وهل هذه الأهداف تتلاءم مع الفئة المستهدفة. وللرجوع إلى ذلك يجب إلقاء نظرة عامة على تخطيط البرنامج التدريبي والذي يشتمل على عدة خطوات (الطعاني،2009،21) *([1])

يوصف التدريب بأنه التطور المنطقي المستمر للمعلومات والخبرات والمهارات والتصرفات، و أي جهد منظم لتزويد المشاركين بالمعلومات والمهارات.

طبيعة التدريب هي: نقل (وتحريك وتحويل وتغيير) المعرفة والمهارة

والعلم من المدرب إلى المتدرب، سواء كان المدرب فردا أو آله أو برنامجا .

أما فلسفة التدريب فهي كونه: نشاطا  يمتاز بالاستمرارية والتغيير، يعمل على تطوير الفرد منذ التحاقه بالوظيفة، بتمكينه من تطبيق ما تعلمه في حياته الدراسية من علم نظري، تطبيقا عمليا وتزويده بمعلومات إضافية وسلوك جديد أو تعديل سلوكه السابق، بحيث يؤدي إلى تحسين أدائه في العمل وتطوره ورفع كفاءته الإنتاجية وتحريك قدراته ومهاراته في الإبداع والمواكبة لكل حداثة تطرأ على العمل .

نموذج ADDIE

نستعرض سوياً نموذج من أشهر نماذج تصميم التدريب كما يلي:

نموذج ADDIE و يشتمل  على 5 مراحل هي:

  • مرحلة تحديد الاحتياجات التدريبية.
  • مرحلة تصميم التدريب.
  • مرحلة التقييم الذاتي وتطوير الأداء.
  • مرحلة تنفيذ البرنامج.
  • مرحلة التقييم و قياس أثر التدريب .

المراحل الخمس مبينة في الشكل التالي:

وفيما يلى استعراض مختصر لمفهوم كل مرحلة و مخرجاتها:

– المرحلة الأولى: تقدير الاحتياجات

إن تقدير الاحتياجات هي الخطوة الأولى، إذ تقدم معلومات أساسية يتم بناء عليها الانتقال إلى المرحلة الثانية وهي تصميم برامج التدريب.

توجد أنواع مختلفة من الدراسات وأساليب جمع البيانات بهدف إنجاز تقرير الاحتياجات الذي يتضمن تحديد الفجوات في الأداء، وأولويات التدخل وخطة التدريب قبل البدء بأي تدريب أو تدخلات أخرى لتحسين الأداء، فمن الضروري تحديد مشكلات الأداء القائم وتحليل أسباب هذه المشكلات، بالإضافة إلى إجراء دراسة لتحديد احتياجات التدريب الحقيقية (توفيق،2006،42)

مخرجات مرحلة تحديد الاحتياجات:

معرفة الاحتياجات الحقيقية والفعلية للفئات المستهدفة من التدريب.

– المرحلة الثانية: مرحلة تصميم برامج التدريب

يتم بناء مرحلة التصميم بالاستناد على بيانات الأداء التي جرى جمعها خلال مرحلة تقدير الاحتياجات، ونقوم في هذه المرحلة بالنظر إلى الاحتياجات التي تم تحديدها من خلال بيانات الأداء ذات الصلة في مكان العمل )تحليل الفجوة(، والتي توفر بيانات المعرفة والمهارات للموظفين، ثم نترجم هذه الاحتياجات إلى أهداف تدريبية.

مخرجات مرحلة التصميم: 

  • صياغة أهداف الدورة التدريبية.
  • وصف الدورة التدريبية.
  • تصميم وثيقة البرنامج التدريبي.
  • خطة العمل.

– المرحلة الثالثة:  مرحلة التطوير

عندما نصل إلى هذه المرحلة، باستطاعتنا أن نأخذ التصميم ونضيف إليه مادة في مرحلة التطوير. ويبقى الهدف من هذه المرحلة هو العمل مع خبراء مادة موضوع التدريب ووضع الموارد اللازمة مع بعضها لتقديم تدريب فعال (حمزة،2004،55).

مخرجات مرحلة التطوير: 

  • مرشد المدرب.
  • مرشد المتدرب.
  • مساعدات المدرب.
  • مواد مرجعية.
  • نموذج تقييم دورة تدريبية.

المرحلة الرابعة: مرحلة التنفيذ

تتضمن مرحلة التنفيذ الأمور التالية:

  • إعداد الأمور اللوجستية وإنهاء كافة الترتيبات الإدارية قبل عقد التدريب.
  • التأكد من كون الميسرين مستعدين جيدا.
  • تنفيذ جلسات التدريب حسب البرنامج التفصيلي للدورة.
  • تزويد المشاركين بمعلومات ومهارات إضافية تساعد على التنفيذ الفعال لبرامج التدريب.
  • عقد التقييم على المستويين الأول والثاني.

مخرجات مرحلة التنفيذ: 

التأكد من تلبية أكبر قدر من الاحتياجات التدريبية التي تم تحديدها في مرحلة تحديد الاحتياجات.

– المرحلة الخامسة: مرحلة التقييم و قياس أثر التدريب  

تهدف عملية تقييم أثر البرامج التدريبية إلى التأكد من تنفيذ الخطة التدريبية، وكونها تسير وفق المنهج المرسوم لها من أجل تحقيق أهدافها المقررة . كما أن التقييم يهدف إلى محاولة التغلب على ما يعترض الخطة من معوقات أو مشكلات متوقعة أو غير متوقعة قد تواجهها فتعيق سيرها أو تحُول دون انتظام نشاطاتها الخاصة بتحقيق أهدافها، فتعمل على تعديل أي من مراحلها وفقا لمتطلبات الظروف الطارئة، وكذا التعرف على ما تم إنجازه من خطة التدريب وما تم تحقيقه من أهدافها وقياس مدى فاعلية البرنامج التدريبي وأساليب التدريب ومدى مساهمتها في تلبية الاحتياجات التدريبية وتقدير ما وصل إليه المتدرب من فاعلية، وقياس مدى فاعلية وفاعلية أداء المدرب وصلاحيته لممارسة العمل التدريبي(أبوالنصر،2009،165)

مخرجات مرحلة التقييم و قياس أثر التدريب :

هي المخرجات النهائية لعملية التدريب ككل والتي نُفذ التدريب من أجلها وهي التأكد من أن الأهداف التي تم وضعها للفئة المستهدفة قد تم تحقيقها وتمت استفادة المستهدفين من التدريب، سواء على مستوى ردة الفعل الأولي أو مستوى التعلم من التدريب، سواء كان مهارة أو معرفة. وهذا ما يظهر خلال فترة التدريب.

أما الجزء الخاص بالتطبيق الفعلي للتدريب داخل مكان العمل وقياس النتائج النهائية للتدريب ومساهمتها في تحقيق الأهداف العامة للمؤسسة التعليمية بشكل عام فيتم على مراحل متتابعة وبصورة دورية للتحقق من أن الأهداف التي تم وضعها وتنفيذ التدريب من أجلها قد أتت ثمارها، لنقوم مرة أخرى بتحديد الاحتياجات التدريبية بناء على الأوضاع الجديدة.

وهكذا تصبح عملية التدريب مستمرة ومتضمنة لجميع المراحل وبصورة دورية لتحقيق أكبر استفادة للمؤسسات التعليمية.

ويوجد أيضا جزء أخير في التدريب يجب النظر إليه نستعرضه في السطور التالية:

– كتابة التقرير النهائى للتدريب 

عند كتابة تقرير بعد نهاية التدريب يجب أن يتضمن ما يلي:

  • خلفية الدورة التدريبية، وذكر الأسباب التي دعت إلى إجرائها (وفق الاحتياجات التدريبية).
  • استعراض الموقف الكامل لتصميم للدورة التدريبية.
  • الاطار العام للتدريب.
  • المدربون والميسرون وكيفية اختيارهم.
  • منهج التدريب والجداول الزمنية.
  • نتائج التغذية الراجعة للمتدربين.
  • التعليق العام على التدريب.
  • الدروس المستفادة من التدريب.
  • الجدول الزمني للمتابعة وقياس الأثر.

قائمة المراجع

-أبو النصر، مدحت) 2009  (مراحل العملية التدريبية: تخطيط وتنفيذ وتقويم البرامج التدريبية، المجموعة العربية للتدريب والنشر، القاھرة.
– الطعاني، حسن أحمد،(2009) التدريب مفهومه وفعالياته، الطبعة الأولى الإصدار الثالث، عمان: دار الشروقتوفيق، عبد الرحمن (2006) تحديد الاحتياجات التدريبية بين الإھدار والاستثمار موسوعة التدريب والتنمية البشرية، الجزء الثامن، – القاھرة مركز الخبرات المھني للإدارة- بميك.
– محمد حمزة، مركز الإعداد والتعليم المستمر، جامعة واشنطن(2004) تصميم الدورة التدريبية، depts.washington.edu/cidrweb/CourseDesign.html

* (1) تم اتباع اسلوب توثيق جمعية علم النفس الأمريكية (APA ) American Psychological Association الإصدار السادس وفقا للنسق التالى : ( اسم المؤلف ، سنة النشر ، رقم الصفحة).

البحث في Google:





عن د. إيهاب ابراهيم السيد محمد

دكتوراه الفلسفة في التربية النوعية، كلية التربية النوعية جامعة عين شمس. تخصص تكنولوجيا التعليم زميل كلية الدفاع الوطني بأكاديمية ناصر العسكرية العليا - جمهورية مصر العربية

تعليق واحد

  1. د سوميه

    موضوع في غايه الاهميه وعرض جميل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *