نبذة عن بعض المبادرات الإصلاحية للنظام التربوي في المملكة العربية السعودية

مقدمة:

معظم دول العالم في نهاية القرن الماضي توجهت إلى إصلاح أنظمتها التعليمية لتتلاءم مــع متطلبات العصر، و لتواجه حركـة العولمة التي أفرزتها تقنية المعلومـــات والاتصــال، والتي أحالت العـــالم المترامـي الأطـراف بثقافاته وأجناســه ولغاته المختلفة إلى قريـة كونية واحــدة، واستعانت باستخدام مستحدثات تقنية التعليم بهدف تحسين التعليم والتغلب على كثير من مشكلاته. وقد أثبتت البحوث والدراسات الأدبية فعالية استخدام تلك المستحدثات في العملية التعليمية عامة، وفي تدريس المقررات خاصة  حيث أصبحت مستحدثات تقنية التعليم ووسائلها عنصرا فعالا من عناصر المنهج ولا غنى عنها في نجاح النظام التعليمي وتحقيق أهدافه التربوية على خير وجه، في ضوء التغيرات السريعة للعصر وملاحقة الانفجار المعرفي.

ومن المبادرات الإصلاحية التي استخدمتها وزارة التعليم بالمملكة العربية السعودية ما يلي :

أولا – رمز الاستجابة السريع Quick Response Code

عرفه روبرتسون وقرين ( 2012 Robertson & Green ) على أنه شكل ثنائي الأبعاد شبيه تماما بشكل الباركود المتعارف عليه سابقا مع اختلاف مساحة التخزين حيث أنه يمكن أن يخزن ما بين 4000 إلى 7000 حرف، بينما شكل الباركود التقليدي يمكنه تخزين 20 حرفا فقط. و عرفه شيو  (Chu ) وآخرون في 2013 على أنه أحد الأشكال المتعارف عليها لنمــط الباركـــود، والذي يتم استخدامه على نطاق واسع في معظم العــــلامات التجارية، واخيرا دخل حيز التنفيذ فـــــي المجالات التعليمية ( عطا، 2017).

 وقد استخدمت وزارة التعليم هذا المستحدث داخل الكتب الدراسية عام 1440 هـ لإصلاح جمود الكتب الدراسية وقلة تفاعلها مع الطلاب، فقامت بتعزيز المواضيع الدراسية داخل المقررات بالمصادر الرقمية المتنوعة الداعمة ( فيديو – صور – أنشطة إلكترونية – تدريبــات ) التي تشـجع على التفرد والتفاعل والمشــاركة وتساهم في تحقيق الأهداف المطـلوبة. وجعل المقرر الدراسي أكثر فاعلية مع الطلاب وأكثر تحفيزا لهم على التعلم، و يستطيع الطلاب الوصول إلى هذه المصادر عن طريق أي هاتف نقال مزود بالإنترنت في إي وقت ومن أي مكان.

ويشير ليون وليو (2011 , Leone & Leo) إلى بعض النقاط التي تدل على أهمية استخدام هذا المستحدث وهي كالتالي:

  1. قلة التكلفة و سهولة الاستخدام.
  2. يستخدم تقنية الواقع المعزز.
  3. حرية التجول والوصول الفوري للمعلومات في أي وقت ومن أي مكان.
  4. المتعة اللحظية أثناء كشف الغموض عن هوية شكل رمز الاستجابة السريع.
  5. يؤدي إلى إحداث التدريس المتمايز وذلك عن طريق توجيه الدعم المناسب لبعض الطلاب المتميزين وأحيانا للطلاب المتعثرين من خلال بعض الوسائط المسموعة أو المرئية.

أنماط تصميم شكل رمز الاستجابة السريع:

حدد عطا (2017) أنماط تصميم شكل رمز الاستجابة السريع كالتالي:

  1. نمط تصميم مبهم غير واضح هوية المصدر الرقمي.
  2. نمط تصميم يتضمن شعارا ( Logo ) يعبر عن هوية المصدر الرقمي.
  3. نمط تصميم يتضمن صورة خلفية تعبر عن هوية المصدر الرقمي.
  4. نمط تصميم دال على هوية المصدر الرقمي.

وقد أثبتت الدراسات الأدبية والأبحاث التربوية أن أفضل نمط هو ذلك النمط المألوف الواضح شكلا ولونا والقريب من الواقع والمناسب لطبيعة الرسالة البصرية التي يحملها. وجاءت هذه النتيجة متوافقة مع النظريات المفسرة للإدراك البصري للمرئيات مثل نظرية الجشطلت والنظرية البنائية والنظرية التعاملية.  

ويعتبر مستحدث رمز الاستجابة السريع من التقنيات المدمجة التابعة لميدان التطوير المكون الثاني لمجال تقنية التعليم، حيث تتميز التقنيات المدمجة بالدرجة العالية من التفاعل، ويمكن استخدامها بالطريقة التي يرغبها المتعلم، كما أنها تدعم مبادئ علم الإدراك والبنيوية و تعتبر تحت سيطرة و تحكم المتعلم نفسه. 

ثانيا – استراتيجية التعلم المقلوب:

يعرفها  الزبن ( 2015 ) بأنها ” استراتيجية تربوية تتمركز حول الطلبة بدلا من المعلمـين، إذ يقوم الطلبة بمشاهدة فيديوهات تعليمية قصيرة في منازلهم قبل وقت الحصة، بينما يستغل المعلم وقت الحصة بتوفير بيئة تعلم تفاعلية نشطة يتم فيها توجيه الطلبة، وتطبيق ما تعلموه”.

ويشير زوحى ( 2014 ) إلى أهمية استراتيجية التعلم المقلوب كونها:

  1.  استثمارا جيدا لوقـت الحصة. 
  2. تساعد على مراعاة الفروق الفردية للطلبة من خلال إعادة الدرس أكثر مـن مـرة عبر الفيديوهات.
  3. يقوي العلاقات بين المعلم و الطلبة.
  4. تشجع على الاستخدام الأمثل للتقنيـات الحديثة في المجال التعليمي. 
  5. يتحول الطالب إلى باحث عن المعلومات بدلا من أن يكون متلـق سلبي فقط لها.
  6. تعزز مهارات التفكير الناقد والتعلم الذاتي وبنـاء الخبـرات ومهـارات التواصل والتعاون بين الطلبة.

ولكي يكون التعلم المقلوب فعالا لابد من توفر أربع دعائم رئيسية وهي توافر بيئة تعلم مرنة تتناسب مع الموقف التعليمي ومستويات الطلبة، وتغير في مفهوم التعلم عبر الانتقال مـن المعلم إلى المتعلم كي يكون محورا للعملية التعليمية. والدعامة الثالثة تتمثل في ضرورة توافر معلمين أكفاء ومدربين قادرين على اتخاذ القرارات المتعلقة بالانتقال بين التدريس المباشر وغير المباشـر. أما الدعامة الرابعة فتتمثل بالتفكير الدقيق بتقسيم المحتوى وتحليله لتحديد ما سيتم تقديمه بصـــورة مباشرة أو غير ذلك بناء على قرار المعلم ( الزبن، 2015).

وتعتبر استراتيجية التعلم المقلوب من الاستراتيجيات التعليمية ضمن ميدان التصميم المكون الأول بمجال تقنية التعليم، حيث يستخدم المصمم التعليمي نظريات ومكونات الاستراتيجية كمبادئ للتدريس، وتتفاعل مع مواقف التعلم على نحو مميز.

ثالثا –  أنظمة إدارة التعلم ( LMS ): 

هي اختصار لعبارة  Learning Management System، وهو عبارة عن نظام رقمي مصمم خصيصاً لإدارة مقررات إلكترونية وإتاحة عمل تعاوني بين المعلم والمتعلم، حيث يدير هذا النظام كل هذه الجوانب من خلال أتمتةٍ Automation  لعمليات إدارة التعلم. وتشمل العمليات عرض جدول المواد الدراسية وتسجيل الطلاب وطباعة تقارير لتقويم مخرجات العملية التعليمية وقائمة بأسماء الطلاب وإدارة عملية إدخال درجات الطلاب وطباعة الشهادات وعرض نتائج الاختبارات، وفصول افتراضية عن بعد،  فهو نظام يساعد على إدارة العملية التعليمية.
ويمكن القول باختصار، أن أنظمة إدارة التعلم تقوم بإيصال المحتوى Content إلى المتعلمين دون امتلاكها أدوات تأليف المحتوى
 Authoring Tools، وبهذا الشكل فإن نظام إدارة التعلم ليس نظاماً مختصاً بإنشاء المحتوى وتطويره (Ninoriya et al., 2011).

  ويذكر (الخليفة، 2008) أن أهمية أنظمة إدارة التعلم تكمن في أنها:

    1. تدعم و تكمل التعليم التقليدي.
    2.  تستخدم في تدريس مواد كاملة أو تزويد تدريب في الوقت المناسب.
    3. تعليم أعداد متزايدة من الدارسين في صفوف مزدحمة.
    4. تستخدم في أي وقت وأي مكان.
    5. تيسر على المعلم و الطالب عملية التواصل في أي وقت وأي زمان.
    6. تطور المحتوى التعليمي وتنوع أشكاله (نصوص – صور – رسومات – فيديو).
    7. تدير وتنظم عملية التعليم الإلكتروني وتبادل المحتوى.
    8. تستخدم الفصول الافتراضية في بث الدروس عبر شبكة الإنترنت.
    9.  تدعم التعلم النقال.
    10. تدعم شبكات التواصل الاجتماعي.
    11. تستخدم كأداة للتعلم المدمج.
    12. تشتمل على تقويم لمراقبة تقدم الطالب. 

شكل توضيحي لأنظمة إدارة التعلم (Irlbeck & Mowat, 2007)

 

ويمكن القول أن أنظمة إدارة التعلم ( LMS ) لها علاقة بجميع مكونات مجال تقنية التعليم الخمسة، فهي تعمل وفق سياسات وأنظمة وتستخدم تقنيات مدمجة واستراتيجيات منوعة وإدارة للعملية التعليمية مع ربط بين أعضائها وإجراء للتقويمات التكوينية والإجمالية للعملية التعليمية.

الخلاصة:

كثيرة هي المبادرات الاصلاحية التي طبقتها وزارة التعليم بالمملكة خلال السنوات العشر الماضية وأكاد أجزم أن ثلاث أرباع هذه المبادرات باءت بالفشل. وإذا ما أرادت وزارة التعليم أن تنجح  في المبادرات الحالية و المستقبلية عليها أن تتجنب الأسباب التي تؤدي إلى فشل أي مبادرة أو إصلاح ومنها: 

  1. لا يتم دمج الإصلاحات والمبادرات مع الخطة الاستراتيجية لوزارة التعليم وذلك لتأكيد استمرارية تمويلها والتوسع فيها (المنيع، 1441).
  2. لم تلامس مشاكل حقيقية مؤثرة على التعلم داخل المدارس كأعداد الطلاب المتزايد داخل الفصول.
  3. سوء إدارة تنفيذ الإصلاح أو التغيير.
  4. التركيز على التقنية والركض وراء الجديد بدل التخطيط التقني وتحديد الأولويات ( الصالح، 2010). 
  5. بعض هذه المبادرات أحادية الاتجاه بدل الشراكة، فالمدارس آخر من يعلم ببعض المبادرات الإصلاحية ( الصالح، 2010).
  6. أن من يتولى المبادرات ليس لديهم خبرة وإلمام وتحمس في تنفيذها ( المنيع، 1441).
  7. بعض التربويين ينظرون للمبادرات الإصلاحية على أنها حدث طارئ وليس عملية مستمرة ويتوقعون ظهور نتائج المبادرة بسرعة، فإذا لم تخرج النتائج سريعا بحثوا عن مبادرة أخرى، فأصبحت المدارس مطبخا لتجارب المبادرات ( الصالح، 2010). 
  8. توقف بعض المبادرات السابقة عند خروج رعاتها من الوزارة ( المنيع، 1441).
  9. تطبيق أساليب تقويم ومقاييس عدة تتجاذبها جهات متعددة و المبالغة فيها ( الصالح، 2010).

 

 

 

 

المراجع:

  • الزبن، حنان (2015). أثر استراتيجية التعلم المقلوب في التحصيل الأكاديمي لطالبـات كليـة التربية بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، المجلة الدولية التربويـة المتخصصـة، المجلد 4 ،العدد1.
  • زوحى، نجيب (2014). ما هو التعلم المقلـوب  المعكـوس ( Learning Flipped) ،مدونـة تعلــيم جديــد “أخبــار وأفكــار تقنيــات التعلــيم”، متوافر: https://www.new-educ.com/la-classe-inversee تاريخ الدخول 22/10/2019. 
  • الخليفة، هند. (2008). من نظم إدارة التعلم الإلكتروني إلى بيئات التعلم الشخصية: عرض وتحليل. ملتقى التعليم الإلكتروني الأول. 19-21/5/1429. الرياض، المملكة العربية السعودية.
  • آل مسيري، محمد (2017). أنظمة إدارة التعلم وأنظمة إدارة المحتوى ،مدونـة تعلــيم جديــد “أخبــار وأفكــار تقنيــات التعلــيم” ، متوافر: http://bit.ly/340VK8L تاريخ الدخول 20/10/2019. 
  • الصالح، بدر (2010). تطوير التعليم … لماذا يخفق التربويون؟ جريدة الحياة العدد: 17155 متوافر: http://www.alhayat.com/article/1762058  تاريخ الدخول 24/10/2019.
  • المنيع، محمد (1441). أسباب تعثر بعض البرامج والمشاريع التربوية في التعليم العام، صحيفة سبق متوافر: https://sabq.org/PWFQtG تاريخ الدخول 23/10/2019.

Robertson, C., & Green, T. (2012). Scanning the potential for using QR codes in the classroom. TechTrends, 56(2), 11-12.

Leone, S., & Leo, T. (2011). The synergy of paper-based and digital material for ubiquitous foreign language learners. Knowledge Management & E-Learning: An International Journal (KM&EL), 3(3), 319-341. 

Irlbeck, S., & Mowat, J. (2007). Learning content management system (LCMS). Learning Objects: standards, metadatas, repositories, and LCMS.

Ninoriya, S., Chawan, P., Meshram, B., & VJTI, M. (2011). CMS, LMS and LCMS for elearning. IJCSI International Journal of Computer Science, 8(2), 644-647.

البحث في Google:





عن د. طارق السواط

حاصل على دكتوراه الفلسفة في تقنيات التعليم بجامعة القصيم ومشرف عام الحاسب بوزارة التعليم بالمملكة العربية السعودية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *