الإشراف التربوي القائم على الخيارات

تعتبر المدارس بطبيعتها مؤسسات تقوم على الصرامة والإجبار في جميع أنشطتها تقريبا داخل الصف وخارجه لما لهذه المؤسسات من حساسية ولما لها من تأثير كبير إذا خرجت عن السيطرة فأي خطأ قد يؤدي إلى انحراف جيل أو فساد مستقبل وطن، إذ تقوم الإجراءات اليومية على الاجبار حيث يتم فيها تحديد الجدول الزمني بصرامة من حيث المدة الزمنية للحصص الصفية، والمدة الزمنية للسنة الدراسية. ويفرض على المعلمين ما يجب عليهم أن يقوموا بتدريسه، ومتى سيكون تقييم ما تم تدريسه ويكاد يوم المعلم، بل العاملين في المدرسة كلها مرسوما بالورقة والقلم، وفي بيئة كهذه يكون الإجبار شائعاً.

وبينما يعيش المعلم هذا الجو القائم على الإجبار إلا أنه بطبيعته كسائر البشر يندفع نحو الاستقلالية ويجتهد أن يحصل على قدر من الحرية في تقرير مصيره ولو في بعض شؤونه ولن تعجب إذا رأيت أحدا يبدي مقاومة عندما يحاول الآخرون فرض سيطرة غير مقبولة أو غير مبررة عليه، وتؤدي الدافعية الطبيعية نحو الاستقلالية بالمعلمين إلى مقاومة الإجبار / الإكراه.

ولكي ينجح المشرف في قيادته لمعلميه نحو أداء أفضل، يجب أن يوازن بين تلك الرغبات الداخلية والحاجات الإنسانية والطبيعة البشرية قدر الاستطاعة من خلال توفير أكبر قدر ممكن من الخيارات أثناء رحلة النمو المهني، وعليه أن يخطط لذلك أثناء تصميمه للأداء وتحدي أهداف النمو المهني التي يسعى في نهاية الرحلة إلى تحقيقها..

يكاد يكون شعار بعض المشرفين:

“مرحبا بك في مملكتي”

يعتبر بعض المشرفين أن البيئة التربوية ملك له وأن فهمه هو النموذج الذي يجب أن يقاس عليه وأن مقترحاته وصفة طبيب لا يسع المعلم إلا التعرف عليها جيدا ليعرف كيفية أخذ الجرعات في موعدها وهل هي قبل الأكل أم بعده. إذا كنت ستجعل من نفسك النموذج وتعتبر المملكة مملكتك فلا يملك المعلم وبخاصة إذا كانت لديك سلطة إدارية إلا أن يفعلها وحسب، يفعلها لكي تسقط عنه المحاسبة وليس ليبدع فيها، سيقوم المعلمون المجبرون بتنفيذ ما هو ضروري، ولكنهم لن يقوموا بمزيد من العمل، أو بعمل يتسم بالجودة.

فإذا كنا نخطط لدمج المهارات الحياتية ومهارات القرن الحادي والعشرين في المقررات الدراسية ونطالب المعلم بتنميتها في طالبه فمن باب أولى أن نمارس ذلك مع معلمينا وننتقل من مرحبا في مملكتي إلى مرحبا بك في مملكتنا ومن أنا النموذج إلى هيا بنا نتعلم معا.

يحتاج المشرفون الذين يأملون في إلهام معلميهم إلى جعلهم يستمتعون بالأداء ويرغبون في استمرار رحلة نموهم المهني إلى بناء خطة نمو مهني بها بعض الخيارات للمعلم لتعزيز إحساسه بحريته مما يثير دافعيته.

هناك مشرفون عظماء ممن يلهمون معلميهم لتكوين دافعيتهم للإنجاز في أعلى مستوياتها دون الشعور بالإجبار، ولن ينجح المشرفون في إلهام المعلمين من خلال الاعتماد على الإجبار.

تكاد تكون القاعدة كالتالي: مزيدا من الخيارات مزيدا من الدافعية

آمن بها:

رغم أن البيئة التربوية كما قلت قائمة على الإجبار، إلا أنك تستطيع أن تخلق مزيدا من الخيارات خلال رحلة النمو المهني التي تقود فيها معلميك من خلال إيمانك بالحاجة إلى ذلك وحرصك على أن تلهم معلميك ومحاولتك التفكير قبل أن توجه بأن تسأل نفسك هل هناك خيارات أخرى يمكن أن أجعل المعلم يختار منها بدل أن أفرض عليه هذا الاختيار.

  • يمكن أن تعرض عليها أكثر من أسلوب لتنمية مهاراته، تخيره بين أن يحضر ورشة عمل أو يقرأ نشرة أو يحضر لزميل أو…إلخ.
  • يمكن أن تعرض عليه أن ينطلق في رحلته منفردا أو مع آخرين.
  • يمكن أن تعرض عليه أن تخطط معه قبل الزيارة أو يخطط هو لنفسه.
  • يمكنك أن تعرض عليه مجموعة أهداف للنمو المهني ويختار منها الذي يبدأ به.
  • يمكنك أن تعرض عليه مصادر متعددة ومتنوعة للتعلم وعليه أن يختار منها.
  • يمكنك أن تعرض عليه التعلم الذاتي أو التعلم في مجموعات.
  • يمكنك أن تكتب أكثر من توصية وتترك له حرية البدء بتنفيذ بعضها.
  • يمكنك أن تعطيه خيارات متعددة لأماكن الجلوس ووقت الجلوس وكيفية الجلوس معك للمداولة الإشرافية.
  • يمكنك ………………………
  • يمكنك……………………….

رجاءً

  • لا تذهب الى الإجبار متى كان بمقدورك توفير مزيد من الحرية؛
  • لا تلزم بخيار محدد متى كان بمقدورك توفير مزيد من الخيارات؛
  • امنح معلميك مزيدا من الحرية عندما يكون بمقدورهم التصرف بمسؤولية؛
  • كن صادقاً مع معلميك عندما تخبرهم بأنك ستمنحهم مزيداً من الخيارات؛
  • امنحهم الشعور بالسيطرة على بعض أجزاء رحلة النمو المهني.

انتبه:

هنالك خط رفيع بين أن تكون مرنا تقود من خلال توفير مزيد من الخيارات من أجل مزيد من الدافعية الداخلية وأن تكون رومانسيا مع فريقك لا تستطيع أن تحدد خيارات ومسارات مهنية مناسبة، وفر أكبر قدر ممكن من الخيارات دون أن تضحي بأهداف النمو المهني ودعهم يعرفون أن هنالك أوقاتاً لن تكون فيها خيارات متاحة، وأنك ستطلب منهم القيام بالأمر بحسب طريقتك، وازن بين الحرية التي لا تفسد الرحلة وبين الإجبار الذي يفسد الحرية.

البحث في Google:





عن د.أيمن أصلان

المدير التنفيذي لمركز صناعة القيادات. مستشار وخبير تربوي متخصص في مجال الإشراف التربوي.

2 تعليقات

  1. أحمد عليان

    سعادة الدكتور أختلف مع وجهة نظرك بالكلية التي تظلم المدرسة وأنها أداة اجبار وتشبيهها على أنها سجن كبير والقائمين عليها كالجلادين وهي بذلك تعطي صورة ذهنية أن الطلاب عبار عن مجموعة من المجرمين، وأن ماتحاول وصفه لايتعدى سوى طريقة وآلية تطبيق خاطئة من بعض القائمين على بعض المدارس ، فإطلاق الحكم هنا على الجميع أمر غير صحيح لايتوافق مع قواعد البحث العلمي.
    وافر التحية

    • حياك الله أ. أحمد أشكر لك غيرتك وحرصك على صورة ذهنية إيجابية عن المدرسة بكل عناصرها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *