التلعيب في التعليم

التلعيب في التعليم Gamification in Education

يعتبر استخدام التلعيب في سياقات جادة توجهًا عالميًا، ولعل توظيفه في التعليم أجدى وأوجب لكونه يضفي على الصف جوًا من المتعة والمنافسة والتحدي اللازم لجذب انتباه التلاميذ بما يكفل انخراطًا فاعلاً في عمليتي التعليم والتعلم ويحدث نشاطًا ذا معنى في الغرف الصفية وبين المتعلمين أنفسهم. ويعرف التلعيب على أنه استخدام استراتيجيات وتقنيات وعناصر ألعاب وتطبيقها في سياقات ومجالات أخرى غير مرتبطة بالألعاب، حتى نحولها لشيء ممتع ومحفز.

فالنقطة المهمة أننا لا نصنع لعبة في هذا النوع من التفاعل التعليمي، وإنما نحول بيئة معينة إلى بيئة تحاكي بيئة الألعاب. والتلعيب كلمة مرادفة للمكافآت، وتركّز معظم أنظمة التلعيب على إضافة النقاط  والمستويات ولوحات الصدارة والإنجازات أو الشارات إلى بيئةٍ واقعية من أجل إغراء الناس بالتواصل مع العالم الحقيقي للحصول على هذه المكافآت وكذلك هو استخدام الأنشطة والمكافآت الخارجية لتشجيع التحفيز في سياقات غير الألعاب. وهي مصممة لزيادة خبرة الشخص ومشاركته في دورة أو هدف أو نظام.
ويمكن أن تشتمل هذه الطرق على نقاط ولوحات متصدرين ومسابقات مباشرة وملصقات أو شارات، وذلك بتوظيفها في تصميم التدريس.

ويعرّف التلعيب كذلك على أنه: “ممارسة استخدام عناصر تصميم الألعاب وميكانيكياتها والتفكير اللعبي في أنشطة غير اللعب لتحفيز المشاركين وزيادة دافعيتهم.”

كما يعرف بأنّه: “استخدام عناصر تصميم الألعاب في غير سياق الألعاب”، وكذلك فهو: “تغيير سلوك مصمم من خلال خبرات تتسم بالمتعة والمرح”.

وفي ضوء التعريفات السابق يمكن تعريف التلعيب في التعليم كما يلي:

“استخدام عناصر تصميم الألعاب والمكافآت لإدخال عنصر المرح والمتعة في التعليم لتحفيز انخراط المتعلمين في عمليتي التعليم والتعلم وزيادة دافعية المتعلمين للتعليم والتعلم”.

فوائد التلعيب:

يمكن للتلعيب أن يفيد في عدة أمور من أهمها:

  • زيادة المشاركة من قبل الطلاب.
  • رفع مستوى الدافعية لدى المشاركين.
  • زيادة التفاعل مع المستخدم (الطالب).
  • زيادة ولاء الطالب للعملية التعليمية التعلمية بكل مكوناتها.

عناصر بيئة التلعيب التعليمية (Gamification system) : 

1- الديناميكيات:

وتأتي في النظام على صورة مفاهيمية توضح طبيعة العلاقة بين اللاعبين والميكانيكيات ضمن عناصر النظام، ويمكن تعداد عناصر الديناميكيات كالتالي:

  • القيود: هي محددات اللعبة أو النظام، وهي موجودة في كل لعبة.
  • المشاعر: عنصر مهم لأن المشاعر من تنافس أو سعادة أو إحباط هي التي تحدد طبيعة التفاعل مع اللعبة.
  • الرواية أو القصص: أهم أمر في هذا العنصر أنه يشكل عامل الجذب للمتفاعل يجعله يندمج مع القصة وشخصياتها وأحداثها ويرفع الرغبة لديه لأن يكون جزءًا منها.
  • التقدم: نمو وتطور اللاعب وانتقاله من مرحلة لأخرى مما يحفزه للمزيد من اللعب.
  • العلاقات أو التفاعلات الاجتماعية: العلاقات هنا مثل الصداقة والتعاون والإيثار خاصة إذا كان اللعب ضمن فريق.

2- الميكانيكيات:

وهي العمليات الأساسية التي تدفع الأشخاص للتفاعل مع اللعبة وتحفزهم للاستمرار بالمشاركة فيها ويمكن حصر الميكانيكيات اللازمة لبناء نظام Gamification فيما يلي:

  • التحديات: وهي المهمات أو المشاكل والعقبات التي نواجهها وتتطلب حلاًّ.
  • الحظ: ويمثل العناصر العشوائية التي تظهر في اللعبة بشكل فجائي دون جهد من اللاعب وهي تشكل محفزا إيجابيا للاعب للاستمرار.
  • التنافس: وهو من أكثر العناصر الموجودة في الألعاب بين اللاعبين، بين الفرق والمجموعات ويعتبر حافزًا قويًا دافعه الرغبة في الانتصار.
  • التعاون: يظهر بشكل أكبر في لعب الفرق في تشارك اللاعبين لتحقيق هدف ما.
  • التغذية الراجعة: وهي المعلومات التي تفيد في تقييم أداء الشخص.
  • الموارد: وهي جميع الموارد داخل اللعبة (جمع النقاط، الأوسمة، القطع الذهبية).
  • المكافآت: ما يحصل عليه اللاعب في نهاية مرحلة معينة أو إنجاز مهمة محددة.
  • المعاملات: ما يحصل بين اللاعبين أنفسهم أو مع اللعبة أو النظام مثل استبدال نقاط أو قطع بمعدات أو أدوات أو فرصة أخرى للاستمرار.
  • التبديل: المشاركة والمبادلة مع اللاعبين للمحافظة على ديمومة اللعبة بتوزيع الجهود (تظهر ضمن الفرق).
  • حالة الفوز: وهي التي توضح الأهداف والأمور التي يجب أن يقوم به اللاعب حتى يفوز.

3- المكونات:

وهي التي تضم أكبر عدد من عناصر الألعاب وهي عناصر واضحة وملموسة تعبر عن الأدوات الفعلية التي سنستخدمها في بناء نظام أو بيئة مبنية على تقنيات الألعاب التحفيزية وهي عناصر كثيرة جدًا منها على سبيل المثال:

  • الإنجازات
  • الأوسمة
  • الجمع والتبديل
  • الشخصيات الافتراضية
  • مستويات نادرة
  • إهداء الآخرين
  • التحدي الحاسم
  • قائمة المتصدرين

4- النقاط، الأوسمة، قائمة المتصدرين PBL:

  • النقاط:

وتعتمد عليها أغلب ألعاب الفيديو والمحمول وتستخدم النقاط بطريقتين: نقاط قابلة للتبادل، ونقاط الحالة وهو يعكس أداء الأشخاص سواء في لعب أو عمل أو غرفة صفية.

  • الأوسمة:

تشبه النقاط إلى حد ما من حيث المفهوم وتختلف معها في آلية التنفيذ حيث يكون الوسام على شكل تمثيل بصري عند إنهاء مهمة ما.

  • قائمة المتصدرين:

وهي باختصار ترتيب الأشخاص بناءً على معايير محددة مسبقًا، وعادة يكون وفق عدد النقاط التي جمعها الشخص خلال اللعب، في العادة تكون القائمة عامة أي متاحة للجميع ما يعني أن للجميع أن يطلع على ترتيب المشاركين مما يولد دافعًا لديهم لتصدر هذه القائمة.

  • مؤشر التقدم:

هو مؤشر يعرفك على مدى تقدمك في المهمة أو اللعبة وكم تبقى لإنهائها ورغم بساطة الفكرة إلا أنها تعتبر عاملا محفزا ومشجعا رهيبا بسبب أن الدماغ يكره الأشياء غير المكتملة، فرؤية المؤشر غير مكتمل تعتبر حافزًا لإتمام المهام المطلوب منهم إكمالها.

  • المكافآت والجوائز:

ولها عدة أنواع:

  1. العشوائية: يتم منحها بناءً على إكمال مهمة معينة من دون علم المكافَأ بالمكافأة إلا أن توظيفها من قبل صانعي النظام أمر محفز للمشاركين يجعلهم يستغرقون في المهمة للحصول على المزيد منها.
  2. محددة الوقت: ويعتبر الحصول على جائزة كل 6 أو 12 ساعة مثلاً من زمن اللعبة يمنحها النظام للمشارك تعطي دفعة تحفيزية وتبقي الشخص على تواصل مستمر مع اللعبة ( النظام).
  3. المحددة: وهذه يعتمد منحها للمشترك على تحقيقه معايير معينة يتم الاتفاق عليها مسبقًا مثل دعوة أصدقاء أو الترويج للعبة أو غير ذلك.
  4. جوائز الأداء: وهي الأهم خاصة في التطبيق في النظام التعليمي حيث تكون قائمة على أداء اللاعب في اللعبة فقط مثل أن يحدد للمهمة سقف زمني يستحق اللاعب إذا أنجزها دونه جائزة أو أن إنهاء مرحلة معينة بشروط معينة يستحق جائزة وهكذا.

5- المراحل:

وهي أنواع أيضًا يمكن تصنيفها كما يلي:

  1. المراحل على مستوى اللعبة: حيث تكون المهمة موزعة على شكل مهام جزئية وتحديات على اللاعب أن ينجز مجموعة منها في كل مرحلة حتى يستطيع الانتقال للمرحلة التالية، وهنا يتعلم اللاعب في كل مرحلة مهارات جديدة تؤهله لاجتيازها واجتياز مراحل أخرى تالية تزداد صعوبتها شيئًا فشيئًا مما يعني أن يستغرق في اللعب حتى اجتياز جميع المراحل.
  2. مستويات الصعوبة: معظم الألعاب توفر مستويات للعبة (سهل، متوسط، صعب) وهذا من أهم ما يؤخذ بعين الاعتبار عند تصميم نظام التلعيب في التعليم لضمان مخاطبة النظام لأكبر شريحة من الناس.

6- ضغوطات الوقت:

الوقت أحد أهم العوامل التي يرتكز عليها في الألعاب والتلعيب وغيرها وتحديد الوقت يعمل على تحفيز المشاركين للإنجاز، فبظهور عداد الوقت أمام اللاعب خلال اللعبة والعد التنازلي يزداد التوتر ويرتفع التركيز والتحفيز لاتخاذ قرار سريع وحاسم.

7- التنافس والتعاون:

لا معنى للعب من غير تنافس وتحدٍّ وصراع مستمر للوصول إلى حالة الفوز، وهو ما يشكل حافزًا للاعبين لتحسين أدائهم أثناء اللعب، كالشطرنج مثلاً، أو ألعاب السيارات أو غيرها. هذا في حالة الألعاب الفردية أما في الألعاب الجماعية فإلى جانب التنافس والتحدي، يظهر التعاون لضمان وصول الفريق معًا للوصول لهدف واحد مشترك هو التغلب على الفريق الخصم.

8- أنواع اللاعبين:

  • المستكشفون Explorers

إنّ اكتساب المعارف واستكشاف أبعد الحدود وإيجاد الثغرات هو ما يحفّز هذا النّمط من اللاّعبين. فهم يستمتعون بالحصول على المعرفة والتّباهي بها أمام الآخرين، كما أنهم يقدّرون المعلومات والتصاميم الذكية وهم لا يمانعون المشاركة في الاستكشاف مع الآخرين لكنهم يفضلون القيام بالأعمال وحدهم.

  • المبدعون Creators

يُحفَّز المبدعون من خلال إتاحة الفرص لهم لإثبات ذاتهم. فهم يعشقون البيئة التي تمكنهم من التفرد بتجربتهم ووضع بصمتهم والتعبير عن تميزهم. وهم على استعداد لاستخدام كافة الأدوات المتاحة لكي ينالوا إعجاب وتقدير الآخرين. ويقدِّر اللاعبون المبدعون الأسلوب الجاد في العمل ويستخدمون أسلوبهم الشخصي و يستعينون بمهارتهم الإبداعية للتأثير على الآخرين.

  • المنافسون Competitors

يتم تحفيز المنافسين من خلال إتاحة الفرصة لهم لاختبار مهاراتهم وقدراتهم التي اكتسبوها، وهم يعشقون تطوير مهاراتهم وتسليط الضوء عليها ومعرفة موقعهم ودورهم ضمن المجموعة، كما يقدّرون التمكّن من العمل وبناء علاقات صداقة من خلال التنافس الودّي.

  • المتعاونون Collaborators

يحفَّز المتعاونون من خلال العمل مع الآخرين لتحقيق الأهداف. فهم يحبّون الفوز معاً وقياس النجاح باعتباره عملاً تعاونياً. كما ويحب هذا النمط من اللاعبين تشكيل الفرق أو المجموعات ويقدّرون قيمة العمل التعاوني المشترك وبناء العلاقات من خلال المهام المشتركة.

خطوات تنفيذ التلعيب في التعليم:

أولاً : تحديد الأهداف: والمقصود بالأهداف هنا أي هدف يتحقق بالأداء مثل تحسين مستوى المشاركة لدى الطلاب (يتم في هذه المرحلة صياغة الأهداف وترتيبها وفق الأولوية).

ثانيًا : تحديد السلوكيات المستهدفة: تحديد عدد من السلوكيات التي تشكل في مجموعها تحقيقًا لهدف الأداء مع التركيز على احتياجات الطلاب.

ثالثًا : تصنيف اللاعبين: يمكن خلال هذه المرحلة تقسيم المشاركين في اللعب وفق تصنيفات إلى أربع شرائح مختلفة وهي خطوة مهمة لتحديد المحفزات التي تحرك دوافع كل شريحة وتضمينها في تصميم اللعب.

رابعًا : تحديد مصادر التعلم ووسائله: يقوم المعلم في هذه المرحلة بإعداد مصادر التعلم التي سيوجه التلاميذ إليها أو الوسائل التي سيستخدمها في تلعيب المحتوى والبيئة.

خامسًا : إدخال المرح والتسلية: أهم عناصر التلعيب هو الخروج من نمطية الأداء إلى المرح والتسلية وتحقيق الأهداف بعيدًا عن الضغط، ويمكن الحكم على تحقق عنصر المرح والتسلية في النظام إذا بقي تفاعل الناس معه رغم زوال المحفزات الخارجية.

سادسًا : اختيار العناصر والتقنيات المناسبة: تعتبر هذه المرحلة مرحلة تجميعية حيث يتم توظيف خلاصات المراحل السابقة ومعطياتها في اختيار التقنيات التي يتضمنها النظام وإعادة تطويره والإضافة عليه في كل مرة يتم استخدام النظام فيها.

سابعًا: التطبيق والتقييم المستمر والتغذية الراجعة: في حالة تطبيق نظام التلعيب لأول مرة في البيئة الصفية، نحتاج لمتابعة العملية وتقييمها والاستفادة من التغذية الراجعة في تطوير النظام وسد الثغرات إن وجدت.

 

 

المراجع:

  • Al- AZawi, Rula, A-lFaliti, Fatma and Al-Blushi, M. (2016). Educational Gamification Vs. GameBased Learning. International Journal of Innovation, Management and Technology, 7(4), 133–136. https://doi.org/10.18178/ijimt.2016.7.4.659
  • Deterding, S., Khaled, R., Nacke, L. E., & Dixon, D. (2011). Gamification: Toward a Definition. Vancouver, BC, Canada. Retrieved from http://gamification-research.org/wp-content/uploads/2011/04/02-Deterding-Khaled-Nacke-Dixon.pdf
  • Fleischmann, Katja & Ariel, E. (2016). Gamification in science education: gamifying learning of microscopic processes in the laboratory. CONTEMPORARY EDUCATIONAL TECHNOLOGY, 7(2), 138–159. Retrieved from https://www.researchgate.net/publication/306284434
  • Mcgonigal, J. (2011). Reality Is Broken. Studies in Comparative International Development. New York: The Penguin Press. https://doi.org/10.1075/ni.10.1.03bro
  • Pak, C. K., & Snell, R. S. (2003). Programmed, Autonomous-Formal and Spontaneous Organizational Learning. (L. Reiners, Torsten & Wood, Ed.), British Journal of Management (Vol. 14). New York: Springer Cham Heidelberg. https://doi.org/10.1007/978-3-319 10208-5
  • (2014). Designing Training: The A.D.D.I.E. Retrieved January 18, 2018, from http://www.click4it.org/index.php/A.D.D.I.E_Model

البحث في Google:





عن أسماء حميد أبو موسى

مهندسة كمبيوتر وتعمل لدى وزارة التربية والتعليم العالي رئيس قسم التقنيات التربوية، حاصلة على ماجستير في المناهج وطرق التدريس وطالبة في برنامج الدكتوراه في المناهج وطرق التدريس بالجامعة الإسلامية-غزة. شاركت في عدد من المؤتمرات والأيام الدراسية ولديها بعض الأبحاث المنشورة. فلسطين، غزة.

2 تعليقات

  1. عبدالناصر فايز محمود

    بالتوفيق جزاكم الله خيرا
    تحياتي
    د/ عبدالناصر فايز

  2. عبدالناصر فايز محمود

    بالتوفيق جزاكم الله خيرا ونفع الله بكم
    كنت أتمنى لو تعطي ولو مثال تطبيقي في كل مادة دراسية ، أي كيفية تطبيق ذلك في الرياضيات مثلا أ العلوم
    تحياتي
    د/ عبدالناصر فايز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *