مؤشرات الكفاءة اللغوية في اللغة العربية للناطقين بغيرها

يدخل هذا الموضوع في إطار التعاون بين مدونة تعليم جديد والدكتور محمود علي محمد شرابي، وهو الثاني من سلسلة “من وحي الفكر اللغوي. تُنشر حصريا على صفحات الموقع. يمكنكم الاطلاع على الموضوع الأول من هنا.

مقدمة

يوجد إحساس عام بين المهتمين بتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها بضرورة تقسيم البرامج اللغوية والتعليمية إلى مراحل أو مستويات؛ و هي مستويات تختلف في تحديدها مراكز ومؤسسات تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها؛ حيث بلغت 4 مستويات كما في المركز الثقافي الفرنسي، و 8 مستويات كما في برامج تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها بجامعة الأزهر الشريف، و 10 مستويات كما في المجلس الأمريكي لتدريس اللغات الأجنبية ACTFL، و 13 مستوى في برنامج اللغة العربية للناطقين بغيرها بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، و 18 مستوى كما في مركز الديوان والكثير من المراكز الأخرى.

و قد تبنى الباحث في هذا المقام تقسيم مستويات الكفاءة اللغوية حسب التقسيم السباعي؛ أي 7 مستويات لغوية؛ ولكل مستوى من هذه المستويات مجموعة من المؤشرات والمجالات للمهارات اللغوية عن كل مستوى من هذه المستويات اللغوية، والتي يحددها الخبراء في ضوء نتائج الدراسات العلمية مما يضمن لنا إلى حد كبير منهجية العمل، ومن ثم تحقيق ما ننشده من أهداف تربوية.

كما أن “الهدف من البرامج اللغوية هو وضع الدارس في محيط لغوي تعليمي يماثل -قدر الإمكان- المحيط اللغوي الطبيعي للغة المتعلمة، وللوصول إلى هذا الهدف لابد من توافر عدة متطلبات محددة؛ ففي غياب الاستناد إلى معطياتٍ علميةٍ واضحةٍ يكون من الصعوبة بمكان الوصول بالدارس لتعلم ناجح.

و تعكس الكفاءة اللغوية Language Proficiency مدى إجادة دارسي اللغة العربية الناطقين بغيرها المهارات اللغوية بوجه عام، ومن ثم يتطلب الوصول إلى هذا المستوى من اللغة العبور بعدة مستويات، بحيث يعطي كل مستوى للكفاءة اللغوية Level Proficiency  مؤشرًا على مدى تمكن الدارس من اللغة الهدف في كل مرحلة ([1]) “.

ويقصد بالمستويات في ميدان تعليم اللغات الأجنبية المراحل التي يمر بها الدارس الأجنبي أثناء تعلمه للغة العربية، بما فيها من جوانب معرفية أو وجدانية أو مهارية، وهذه المستويات لا ترتبط كثيراً بالمستويات التعليمية التي يقضيها الطلاب في مدارسهم. و اختلف الباحثون في عدد المستويات، التي ينبغي أن ينقسم إليها تعليم اللغة الأجنبية، إلا أن السـائد في هذا المجال هو تقسيم اللغة إلى 3 مسـتويات ([2]) وكـل مسـتوى من هذه المسـتويات يمكن تقسيمه لمستويات فـرعية، والفـرق بين هـذه المستويات هو الأداء اللغـوي وإتقـان المهارات اللغوية (الاستماع، والتحدث، والقـراءة، والكتابة) وصولًا للكفاءة اللغوية في اللغة العربية، و يمكن تقسيم  هذه المستويات كالتالي:

1- المستوى المبتدئ

و يعبر عن تنمية المهارات الأساسية للغة العربية (الاستخدام الأولي للغة العربية) لدى الدارسين، وتمكينهم من أن يألفوا أصواتها وتراكيبها. ويشمل الاستماع في هذا المستوى نسبة 40% من الوقت المخصص، والتحدث 40%، والقراءة 10%، والكتابة 10%، و يتراوح عدد المفردات اللغوية فيه بين 750 و 1000 مفردة تقريباً.

وينقسم هذا المستوى إلى ثلاث مستويات، حسب خبراء تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، و لا ينتقل الدارس للمستوى المتوسط إلا إذا اجتاز امتحانًا نهائيًا للمستوى المبتدئ الثاني، و هذه بعض المؤشرات والمجالات ([3])  عن كل مستوى من هذه المستويات اللغوية كما يلي:

أ- التمهيدي Preliminary

وفيه ينبغي على الدارس Beginner أن:

  • يتعرف أصوات اللغة العربية وحروفها، استماعًا ونطقًا وكتابةً.
  • يفهم بعض المفردات العربية البسيطة، مثل: أنا اسمي، أنا أعمل، شكرًا، مرحبًا … وغيرها.

ب- المبتدئ الأول A 1

وفيه ينبغي على الدارس أن:

  • يفهم ويستخدم التعبيرات المألوفة الشائع استخدامها في الحياة اليومية، وكذلك الجمل البسيطة التي تلبي احتياجاته الضرورية.
  • يتمكن من تقديم نفسه، أو التعريف بالآخرين، وكذلك طرح أسئلة شخصية، مثال: أين تسكن؟ ماذا تعمل؟ و يتمكن من الرد على أسئلة من هذا النوع.
  • يتمكن من التفاهم بأسلوب بسيط عندما يتحدث مع طرفٍ آخر في حوار ببطء ووضوح، ويتفاعل بطريقة بسيطة في أثناء الحوار.

ولا ينتقل الدارس بين هذين المستويين إلا إذا اجتاز امتحانا نهائيا لهذا المستوى.

ج- المبتدئ الثاني 2 A

وفيه ينبغي على الدارس أن:

  • يفهم الجمل والتعبيرات الشائعة المتعلقة بموضوعات ذات معانٍ مباشرة بالفرد؛ مثل: المعلومات الأساسية عن الشخصية، أو معلومات عن العائلة أو عن التسوق، أو عن العمل أو عن البيئة القريبة منه.
  • يتمكن من التواصل في المواقف السهلة الروتينية، التي يتم فيها تبادل بسيط ومباشر لمعلومات، وأمور عن أشياء دارجة (مألوفة) ومعروفة بالنسبة له.
  • يتمكن من الحديث عن عائلته و عن تعليمه ووصف محيطه المباشر.
  • يتمكن من الحديث عن احتياجاته باستخدام أساليب سهلة وبسيطة.

2- المستوى المتوسط

و يعبر عن مرحلة تثبيت المهارات الأساسية وتوسيع نطاقها، ويعرف (بالاستخدام الذاتي للغة)، وزيادة الثروة اللغوية لدى الطلاب، ويشـمل الاستمـاع في هذا المسـتوى 35%، والتحدث 35%، والقراءة 15%، والكتابة 15%، وتتراوح المفردات في هذا المستوى بين 1000 و 1500 مفردة تقريباً، ويقسم الخبراء هذا المستوى إلى مستويين:

أ- المتوسط الأول B 1

في هذا المستوى ينبغي على الدارس أن:

  • يفهم النقاط الأساسية للنص.
  • يتبادل أطراف الحديث حول موضوع من الموضوعات المألوفة كالعمل أو الدراسة أو أوقات الفراغ أو غيرها.
  • يتعامل بنجاح في أغلب المواقف التي تعترضه أثناء قيامه برحلة في المناطق التي يتكلم أهلها اللغة العربية.
  • يدلي برأيه في العديد من الموضوعات المألوفة، وكذلك المجالات التي تحظى باهتمامه الشخصي في سهولة وترابط.
  • يتحدث عن الأحداث والتجارب، ويصف أحلامه، وآماله، وأهدافه.
  • يشرح ويفسر خططه، وآراءه بشكل موجز.

ب- المتوسط الثاني B 2 

في هذا المستوى ينبغي على الدارس أن:

  • يفهم المحتوى الأساسي للنصوص والموضوعات الطويلة أو المعقدة التي تناقش موضوعات واقعية تطبيقية ونظرية.
  • يفهم الموضوعات والأحاديث المتخصصة.
  • يتفاهم بتلقائية وطلاقة في حوار طبيعي مع أشخاص من أهل اللغة.
  • يتمكن من التعبير عن موضوعات متعددة بشكل مفصل وواضح.
  • يتمكن من التعبير عن موقفه ووجهة نظره عن موضوعات متعددة وقضايا معاصرة.
  • يتمكن من ذكر مزايا وعيوب الحلول المختلفة والآراء المتباينة حول موضوع محدد.
  • يتفاهم في المواقف المركبة والتلقائية بطريقة صحيحة.
  • يتحدث في موضوعات متباينة بذكر التفاصيل والأدلة المناسبة.

و لا ينتقل الدارس بين هذين المستويين إلا إذا اجتاز امتحانًا نهائيًا لهذا المستوى، كما لا ينتقل للمستوى المتقدم إلا إذا اجتاز امتحانًا نهائيًا عامًا للمستوى المتوسط الثاني.

3- المستوى المتقدم

و يعبر عن مرحلة الانطلاق في الاستخدام المتقـن للغة، وزيادة الثروة اللغوية لدى الطلاب، ويشمل الاستماع في هذا المسـتوى 30%، والتحدث 30%، والقـراءة 20%، والكتابة 20%، وتتراوح المفـردات فيه بين 1500 و 2000 مفـردة تقـريباً، ويقسم الخبراء هذا المستوى إلى مستويين:

أ- المتقدم الأول  C 1 

في هذا المستوى ينبغي على الدارس أن:

  • يفهم نصوصًا طويلة ومتنوعة ذات معانٍ أدق وأسلوب أصعب.
  • يدرك المعاني الضمنية في النصوص المتناولة.
  • يتمكن من التعبير بطلاقة وتلقائية دون الحاجة إلى البحث عن الكلام مرارًا وتكرارًا.
  • يستخدم اللغة في الحياة العلمية والاجتماعية، وحتى في الدراسة والتعليم استخدامًا فاعلًا، وبصورة مرنة.

ب- المتقدم الثاني C 2

في هذا المستوى ينبغي على الدارس أن:

  • يتمكن من فهم كل ما يقرأ أو يسمع بدون عناء أو مشقة.
  • يجمع المعلومات والبيانات من عدة مصادر تحريرية أو شفهية، ويلخصها.
  • يتمكن من شرح وتفسير المعلومات المجمعة في صورة متصلة بالسياق.
  • يتمكن من التعبير بصورة تلقائية وبطلاقة وسرعة ودقة.
  • يتمكن من إيضاح أدق المعاني في الأمور الأكثر تعقيدًا.

و لا ينتقل الدارس بين هذين المستويين إلا إذا اجتاز امتحانًا نهائيًا لهذا المستوى، كما لا يصل إلى درجة الكفاءة اللغوية إلا إذا اجتاز امتحانًا نهائيًا عامًا للمستوى المتقدم الثاني، و بذلك يصل الدارس بعد اجتياز هذه المستويات إلى درجة الكفاءة اللغوية، ثم الانطلاق في التخصص في فروع اللغة العربية وآدابها وفنونها.

و لا يُكتَب النجاح لبرامج واستراتيجيات تعليم العربية لغير الناطقين بها ما لم تُصمَّم على أساس مراعاة التوازن بين المهارات اللغوية، التي تهدف إلى تزويد الدارسين بهذه المهارات، عن طريق مصفوفة مستويات الكفاءة اللغوية، والتي استقاها الباحث من المؤشرات والمجالات السابقة؛ كما يتضح من خلال الجدول التالي:

مصفوفة مستويات الكفاءة اللغوية لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.

يتضح من الجدول السابق أنّ مهارة الاستمـاع في المسـتوى المتوسط 35%، والتحدث 35%، والقراءة 15%، والكتابة 15%، لذا ينبغي على معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها أن يكونوا على وعي بهذه النسب حتى تكون برامج تدريس مهارات اللغة العربية أكثر دقة وموضوعية وفاعلية.

وتتراوح المفردات اللغوية التي يمتلكها الدارسون في المستوى المتوسط بين 1000 و 1500 مفردة تقريباً، و هو ما سيرتكز عليه الباحث في الدراسة الحالية لبناء استراتيجية مقترحة لتمكين دراسي اللغة العربية الناطقين بغيرها في المستوى المتوسط من بعض مهارات الفهم الاستماعي والقراءة الجهرية والكتابة الوظيفية مستنيرًا بتلك المؤشرات والمجالات السابقة.

 

 


المراجع:

[1] إيمان أحمد هريدي: تصور مقترح لبرامج تعليم اللغة العربية وتعلمها للناطقين بغيرها عن بعد في ضوء الكفاءة اللغوية، بحث مقدم في الجمعية العربية لتكنولوجيا التربية، تكنولوجيا التربية دراسات وبحوث – عدد خاص مؤتمر تكنولوجيا التعليم والتعلم– نشر العلم … حيوية الإبداع ، في الفترة من 5/6 سبتمبر 2007م ، ص 86.

[2] انظر كلا من:

أ – علي أحمد مذكور، رشدي أحمد طعيمة، إيمان أحمد هريدي: مرجع سابق، 2010 م ، ص 249.

ب- رشدي أحمد طعيمة: الثقافة العربية الإسلامية بين التأليف والتدريس، دار الفكر العربي، القاهرة، 1998 م، ص 180.

ت – هند بنت عبد الله بن السيد العلوي : فعالية برنامج مقترح لتعليم اللغة العربية في تحصيل التلاميذ الناطقين بغيرها واتجاهاتهم نحوها في سلطنة عمان، رسالة دكتوراه “غير منشورة” قسم المناهج وطرق التدريس، معهد الدراسات التربوية، جامعة القاهرة، 2005 م، ص 18.

[3] توصل الباحث إليها من خلال ورقة مقدمة من الدكتورة: إيمان أحمد هريدي؛ في ورشة عمل حول؛ مستويات الكفاءة اللغوية لدى دارسي اللغة العربية الناطقين بغيرها، بالمركز التعليمي للغة العربية للطلاب الوافدين، بقطاع الشؤون الثقافية والبعثات، وزارة التعليم العالي.

البحث في Google:





عن دكتور محمود علي محمد شرابي

أستاذ مناهج وطرق تدريس اللغة العربية المساعد - معهد تعليم اللغة العربية. مستشار مركز اللغويات التطبيقية. وأمين عام الجمعية الدولية لمعلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها / كلية الدراسات العليا التربوية، جامعة القاهرة - جمهورية مصر العربية

5 تعليقات

  1. يهمني ان اطلع على هذه المواضيع والتي تخص اللغة العربية

  2. دكتور محمود علي شرابي

    يسر الله لنا ولك كل خير وفتح لنا ولك ابواب رحمته ورضاه وأعاننا على تيسير العربية ونشرها

  3. محمود خليفة

    السلام عليكم
    بارك الله فيكم وزادكم من فضله.
    أستاذى الفاضل أود من حضرتكم التحكيم على استبيان علمى

  4. دكتور / محمود علي شرابي

    أهلا بك أخي العزيز
    يسر الله لنا ولك كل خير
    أرسله وأنا إن شاء الله أحكمه لك .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *