الأجهزة اللوحية في التعليم

5 أخطاء وتحديات تواجه دمج الأجهزة اللوحية في التعليم

تستثمر العديد من الدول في توفير الأجهزة اللوحية من أجل استخدامها داخل الفصول الدراسية، وفي الولايات المتحدة نجد مؤسسة EdTechTeacher تساهم بشكل كبير في التأهيل المهني للمعلمين من أجل تطوير استخدام الآيباد داخل الفصول الدراسية، ومن أجل الإدماج الفعال لهذه التقنية بدون أدنى مشاكل ..

وفي الوقت الذي يرى فيه المراقبون نجاح عدة مقاربات ومبادرات لدمج الأجهزة اللوحية في التعليم داخل المدارس، كذلك يمكن تسجيل إخفاقات لتجارب ناتجة أساسا عن أخطاء قاتلة أو عن ضعف في مواجهة التحديات التي أدت في بعض الحالات إلى توقف تلك المبادرات بشكل نهائي، ومن أجل تقاسم هذه التجارب والتنبيه إلى خطورة بعض الأخطاء وقوة التحديات المرتبطة بها، إليكم فيما يلي جرد لأهمها :

1- التركيز على تطبيقات خاصة بالمادة الدراسية

الخطأ الأكثر شيوعا لدى المعلمين عند استخدام الأجهزة اللوحية في التعليم هو تركيزهم المطلق على التطبيقات الخاصة بالمادة الدراسية التي يقومون بتدريسها، غافلين أو متجاهلين لمجموعة كبيرة من الإمكانيات والإستخدامات الأخرى التي يوفرها الجهاز. فنجد مثلا أن مدرس اللغة الإسبانية حين لا يجد تطبيقات جيدة متخصصة في تعلم هذه اللغة سرعان ما يحكم على الجهاز اللوحي بعدم الجدوى. في حين يمكنه استخدام عدة أدوات أخرى مهمة جدا رغم أن علاقتها ليست مباشرة بالمادة الدراسية، ونضرب أمثلة بالتطبيقات التالية:

  1. تطبيق  VoiceThread المساعدة على تنمية التعبير الشفهي لدى الطلاب
  2. تطبيق Cicero لإنشاء مناقشات تعاونية بين الطلاب والمعلم
  3. تطبيق Animoto لتصميم عروض تقديمية متحركة حول مرادفات اللغة
  4. تطبيق Socrative لإنشاء اختبارات تفاعلية
  5. وكذلك تطبيق Explain Everything الذي يسمح للمعلم بإنشاء دروس في قواعد اللغة

خلال الدورات التدريبية الصيفية التي نفذتها مؤسسة EdTechTeacher بجامعة هارفارد ، يستفيد المعلمون من 3 أيام كاملة في اكتشاف أدوات واستراتيجيات الدمج الفعال للأجهزة اللوحية، ولا يتم تخصيص التداريب لتطبيق معين خلال الدورة، بل يتم التركيز على ميادين هائلة من الإستخدامات والإختيارات والإبداعات الممكنة عبر 4 مجالات فقط : عرض وتقديم الدروس، تصوير الدروس، تحرير الصوت، وتحرير الفيديو .. ويتعلم المدرسون خلال هذه الدورات كيف يصلون إلى مصادر هائلة سواء عبر الإنترنت أو داخل المدرسة، فيدركون أنها مصادر جيدة لتحسين دمجهم الفعال للأجهزة اللوحية داخل الصف حين يعتمدون عليها أكثر من اعتمادهم على التطبيقات.

 

2 – تدريب المعلمين منعدم أو غير كاف

مفهوم التدريب هنا يذهب أبعد من تعلم استخدام مجموعة من التطبيقات، بل هو كيفية تجاوز الاستخدام الشخصي للجهاز إلى استخدام بيداغوجي داخل الصف، ورغم أن عددا من البحوث أثبتت أن المعلمين باستخدامهم للتقنيات يطمحون إلى تطوير أدائهم الحالي، فبدون تدريب سيبقى استعمال الجهاز بأدواته  استعمالا تقليديا في آخر المطاف.

المعلمون بحاجة الى وقت رسمي لتقاسم التجارب المهنية في هذا الموضوع والتعاون من أجل تطويرها، كما يحتاجون إلى دعم خارجي تقني وبيداغوجي لتدريبهم على تقنيات استخدام الجهاز، في تطوير مستوى الطلاب في القراءة مثلا و في الكتابة والتعبير الكتابي والشفهي وفي تطوير مهارات الاستماع، يحتاجون فعلا إلى من يساعدهم على وضع استراتيجيات متكاملة ليصلوا إلى مستوى متميز في أدائهم المهني باستخدام مجموعة من التطبيقات والأدوات المناسبة للجهاز اللوحي.

الأدوات التقنية التي تجعل الطلاب يشتغلون على مشاريع بشكل تشاركي تعاوني، و الأدوات التي تمكن المعلم من ترتيب إنجازات الطلاب وجمعها بشكل منظم، وكيف يمكنه إبداء الملاحظات ومنح الدرجات أو منح التغذية الراجعة للطالب لتحسين مستوى إنجازه… كلها أدوات وتقنيات يمكن أن تكون غير مألوفة ومعقدة جدا عند المدرسين.

ويمكن أن نجمل أهم التحديات التي يعرفها العمل التشاركي باستخدام الأجهزة اللوحية في ما يلي:

  • فهم بيئات الحوسبة السحابية وخياراتها المتنوعة

  • الإلمام بأنواع الأدوات والملفات وأشكال تفاعلها مع بعضها البعض

  • التمييز بين مختلف صيغ الملفات الرقمية وطرق تحويلها

  • اختبار الحلول المتكاملة لتدبير و إدارة الفصل

  • تبسيط هذه المفاهيم للطلاب وأولياء أمورهم

إن مجرد تسليم جهاز لوحي لكل معلم بداية السنة الدراسية لا يساعد بتاتا على التصدي لهذه التحديات، والحل هو إعداد خطط لتقاسم التجارب والتدريبات وإنجاز مشاريع تشاركية من أجل التصدي لهذه التحديات، والمدارس بحاجة إلى حماية معلميها من إعادة اختراع عجلة الإنجازات التي حققها المتميزون في هذا المجال.

3- اعتبار الجهاز اللوحي حاسوبا محمولا

لا يجوز إخضاع الأجهزة اللوحية إلى مجموعة الوظائف النمطية التي لا تختلف فيها عن الحواسيب المحمولة، لأن ذلك يؤدي إلى عرقلة الإمكانيات الخاصة بالجهاز اللوحي في تحسين مستوى التعليم المتمركز حول الطالب. و لا يعني هذا أن الأجهزة اللوحية يفترض فيها أن تكون بديلا عن أجهزة الكمبيوتر، بل ينبغي أن تكون مكملة وداعمة لها. فغالبا ما نجد الإحباط والفشل يكون مصير المعلمين الذين لا يختلف استخدامهم لجهاز الآيباد عن جهاز الحاسوب المحمول، نتيجة فشلهم في تحقيق الفوائد الجوهرية والإستفادة من المميزات الخاصة بجهاز الآي باد. قبل أن نستخدم الجهاز اللوحي يجب أن ندرك جيدا فوائده ومميزاته الخاصة كتصميم مختلف عن الأجهزة الأخرى.

وحل هذه المشكلة يكمن في تركيز الإهتمام على الإستثمار الجيد للجهاز اللوحي في توليد التعلم النشط لدى الطلاب، فهو الذي يساعدهم على الإتصال الحركي في إنجاز المهام والواجبات (وهذا جد مهم خصوصا للمتعلمين الصغار)،  حيث يمكنهم تحريك العناصر واستخدام أطراف الأصابع للتكبير والتصغير والتدوير والسحب والإفلات وغيرها من العمليات التي تنمي قدراتهم الحركية وتوفر لهم التعليم الفعال.

إضافة إلى كون الأجهزة اللوحية عملية توفر لهم إمكانيات هائلة في التقاط الصور وتسجيل الصوت وتصوير الفيديو في أي مكان، كما يؤلفون بواسطتها قصصا متعددة الوسائط، ويسجلون بها لقطات شاشة “سكرينكست” لحلول تمارين الرياضيات مثلا، كما يمكنهم محاكاة الجولات الإفتراضية داخل المدن القديمة .. وغير ذلك من المزايا المذهلة كثير..

وإذا كان التعليم المتوقف على الإلقاء والتلقين لم يعد مجديا، فإن تسليم الأجهزة اللوحية للمعلمين لا يمكن أن يغير شيئا في هذا النوع القديم من التعليم، إذا لم تتوفر لديهم القناعة التامة بالمزايا الحصرية لهذه الأجهزة التي تمكن التلاميذ من التعلم النشط بشكل أفضل..

 

4- تعدد المستخدمين

تم تصميم الأجهزة اللوحية للإستعمال الفردي، ولا ينفع معها أن تتحول إلى أجهزة مشتركة، لكن الإكراهات المادية تحول دون تنفيذ مشروع جهاز لكل طالب ومعلم  (1:1) في المدارس، مما يحرم المتعلمين من الإستفادة الجيدة من مزايا هذه الأجهزة المتطورة.

فبدلا من اشتراك هذه الأجهزة داخل العديد من الفصول الدراسية، ينبغي أن يقتصر استخدامها على فصول منتقاة بعناية نعتبرها فصولا نموذجية أو مجموعات تجريبية لمدة عام كامل، ويجب توثيق نجاحاتها وإخفاقاتها، وتقييم مرحلة التجريب وعلاج أخطائها، وبعد الوصول إلى نتائج جيدة يتم توثيق أفضل الممارسات التي تشكل أساسا يمكن الإعتماد عليه في الإنتقال إلى مرحلة تعميم التجربة على بقية الفصول.

وإذا كانت المدرسة لا يمكنها تنفيذ مشروع جهاز لكل طالب ومعلم فإن تطبيق نظام BYOD داخل الفصول يمكن أن يساهم بشكل كبير في تحقيق نتائج إيجابية أحسن بكثير من النماذج المطبقة في حالة تعدد مستخدمي الجهاز اللوحي الواحد.

 

5- غياب أجوبة مقنعة عن سؤال : لماذا الأجهزة اللوحية ؟

العديد من الإدارات التعليمية وموظفوها لا تدرك بوضوح الأسباب المقنعة وراء اختيارها لشراء أجهزة تقنية، ونتيجة لذلك تواجه العديد من المشاريع مقاومة من المعلمين وأولياء الأمور – وحتى الطلاب – الذين لا يفهمون لماذا يجري إدخال هذه الأجهزة إلى صفوفهم.

تجهيز المدارس بهذه الأجهزة ليس كافيا، ومناطق كثيرة لازالت بالفعل تحتاج إلى فهم الأسباب الحقيقية التي جعلتها تستثمر في هذه الأجهزة. عندما يتم إطلاق مشروع كهذا ينبغي أن تكون هذه الأجهزة – وقبل أي شيئ آخر – في خدمة التعليم، والمسؤولون الذين يفشلون صراحة في التعبير بشكل مفصل عن العلاقة بين الأجهزة اللوحية والتعليم، غالبا ما تفشل مبادراتهم في هذا الإتجاه منذ الوهلة الأولى.

يجب على مديري المدارس أن يشرحوا لكل المتدخلين في المنظومة التربوية كيف تساهم الأجهزة اللوحية في تنمية المهارات الأساسية مثل: مهارات التواصل والإبداع والتعلم الذاتي، فبدلا من التركيز على استبدال الكتب بالأجهزة اللوحية، ينبغي أن يتم التأكيد على القدرة الهائلة لهذه الأجهزة على الإستجابة لمختلف أنماط التعلم التي يفضلها المتعلم (بصري، سمعي، حركي)، وتوضيح بيئة التعلم النشط التي يوفرها الجهاز فيمنح معها فرصا غير مسبوقة في تطوير شخصية المتعلم، والتأكيد كذلك على الدور الفعال الذي تلعبه هذه الأجهزة لتحقيق أهداف التعلم المتمركز حول المتعلم، كما ينبغي تسليط الضوء على بعض الأنشطة المفيدة التي يسهل الجهاز اللوحي القيام بها، مثل: التصميم والتحرير و الأرشفة وغيرها من الأنشطة التي تلهم المتعلم وتكسبه قدرة كبيرة على الإبداع.

كما ينبغي للمديرين أن يشرحوا للمتدخلين دور هذه الأجهزة في تحسين إدارة الفصول الدراسية من حيث التحكم في الوقت والمساحة، فضلا عن أنها توفر مرونة مذهلة في تنويع أنشطة التعلم في أي وقت، مع التذكير دائما بأن العالم أصبح بين أطراف أصابع الطلاب أينما حلوا وارتحلوا، والحدود الوحيدة التي يمكن أن تحد أنشطة المتعلم على الجهاز هي الأهداف التعليمية المسطرة النابعة من الرؤية التربوية.

لقد أصبح تعليم القرن 21 مبنيا على فضاءات التعلم أكثر من بيئات التعلم، وأضحت الأجهزة المحمولة الرائدة في متناول الطلاب لخلق عوالم جديدة ومثيرة. لكن حتى الآن عندما تدخل هذه الأجهزة الفصول الدراسية فغالبا ما يتم التغاضي أو التخلف عن قدراتها الهائلة. ومع المزيد من المدارس التي اختارت مشروع جهاز لوحي لكل طالب، توجد فرصة هائلة للتغيير الجذري في الفصول الدراسية، حيث الطلاب سيتمكنون من التعلم بطريقتهم الخاصة.

كانت هذه أهم الأخطاء أو التحديات التي تصاحب عملية دمج الأجهزة اللوحية أو الألواح الإلكترونية داخل الفصول الدراسية، نرجو أن تتفادى مدارسنا هذه الأخطاء وتتغلب على تلك التحديات، وتحقق مقترحات الحلول التي قدمها هذا المقال إضافة نوعية في هذا الموضوع.

المصدرالصورة

البحث في Google:





عن مصطفى القايد

مدرس تعليم إبتدائي و مصمم ويب، و مهتم بتقنيات التعليم الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *