استراتيجيات التعليم الإلكتروني

استراتيجيات التعليم الإلكتروني

يقاس تقدم الأمم والشعوب بمدى تقدمها في ميادين العلم، فعالم اليوم يتسارع بثورة علمية وتكنولوجية أدت إلى تولد عشرات الأفكار الجديدة لحظياً في شتى المجالات، ونظراً لأن التعليم أحد هذه المجالات فلا يستطيع أن يحيى بمعزل عن هذا التطور التقني، فالتكنولوجيا أهم وسائل منظومة التعلم والتعليم المعاصرة، لا سيما بعدما أُجبر عليها العالم نتيجة انتشار كوفيد.ولا شك أن التقنية بدأت منذ نشأة الخلق، فقد استخدم الإنسان أدوات متنوعة بما يتناسب مع حياته في كل عصر من العصور، ولأن الإسلام هو الدين الذي يصلح لكل زمان ومكان فلا يكاد يغفل عاقل ما يدعو إليه الإسلام من التعاطي مع مقومات العصر واستخدام الأدوات المختلفة التي تناسب ذلك العصر، فقال تعالى: ” ويخلق ما لا تعلمون”، وقال: ” علم الإنسان ما لم يعلم” وقد استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم الوسائل التقنية في عصره بما يتناسب مع البيئة الصحراوية التي ظهرت فيها دعوته فاستخدم مع أصحابه استراتيجيات التعليم من محاكاة وعروض عملية والنمذجة بالرسم على الأرض لتوضيح المفاهيم والتشبيه، ثم ظهرت الحضارة الإسلامية في العصرين الأموي والعباسي والتي أظهرت براعة المسلمين في استخدام الوسائل التقنية المختلفة في التعليم، فكان التجريب في العلوم بشكل واضح في ذلك العصر وهو ما أظهرته اختراعاتهم. وفي كل عصر يهتم المربون في الاستفادة من الأدوات التكنولوجية والتي هي في تطور مستمر لتتناسب مع العصر.
ومع المستحدثات التكنولوجية، فمن الضروري تطوير عناصر منظومة التعليم تماشياً مع التقدم العلمي والتطور الإنساني. وعند الحديث عن استراتيجيات التعليم الإلكتروني يجب أن ندرك أنها في الأصل ناتجة عن استراتيجيات التعلم العام وشكل من أشكاله، والتي تؤثر كثيرا في أداء المؤسسة التعليمية. ولعل من أهم الأسباب التي تدعو إلى تبني استراتيجيات التعليم الإلكتروني هو الزيادة المتسارعة في نقل المعلومات في الوقت المحدد والجهة المقصودة. ويمكن دمج استراتيجيات التعلم النشط في الموقف التعليمي الإلكتروني عن طريق تصميم الأنشطة داخل مواد التعلم التي تراعي تفاعل ونشاط المتعلم أثناء التعلم، وهذا من شأنه إكسابه العديد من المعارف والمهارات. كما تعتبر هذه الاستراتيجيات من الاستراتيجيات الشائعة الاستخدام والتي يمكن تطبيقها بمرونة مطلقة في أي مرحلة من مراحل الدرس، وتتوافق مع الأنشطة الفردية والجماعية شريطة التخطيط الجيد للدرس من قبل المعلم والحرص على تصميم المواقف التعليمية التي تحقق أهداف التعلم.

إن عملية التدريس عن طريق استراتيجيات التعليم الإلكتروني لابد لها من توفير الأدوات المناسبة مثل الكمبيوتر المحمول، السبورة الإلكترونية، الحقيبة الإلكترونية، الكتاب الإلكتروني.

من استراتيجيات التعلم الإلكتروني:

تتنوع استراتيجيات التعلم الإلكتروني مثل الصف المقلوب، الخرائط الذهنية الإلكترونية، القصص الرقمية، وغيرها ويمكن الحديث عن بعضها بشيء من التفصيل كما يلي:

استراتيجية التعلم المقلوب: استراتيجية في التدريس يتم من خلالها عرض المادة الدراسية بواسطة الوسائط الإلكترونية المتعددة والمختلفة التي تدعو إلى الإثارة والتشويق وبث روح التعاون والمشاركة الفاعلة بين الطالب والمعلم وبين الطلاب أنفسهم والخروج بأفكار جديدة لم تكن معروفة سابقاً.

استراتيجية عقود التعلم: تهدف إلى التوفيق بين احتياجات المتعلمين والطريقة المناسبة لتحقيق الأهداف التعليمية، وتقوم على أساس عقد اتفاقية بين المتعلم والمعلم بحيث يقوم المتعلم بكتابة هذه الاتفاقية موضحاً فيها نمط التعلم، الفترة الزمنية التي تناسبه للتعلم، وأشكال التقويم التي يفضلها، ويوضح المعلم الأهداف التعليمية المطلوبة من المتعلم، ويتم كتابة عقود التعلم للمتعلمين عبر الويب بحيث يستفيد منها المتعلمون الآخرون.

استراتيجية المناقشة: تعتبر أساس المقررات الإلكترونية وهي تناسب المرحلة العمرية العليا.

استراتيجية التعلم التشاركي: وتقوم على عمل مجموعات صغيرة لديهم احتياجات تعليمية مختلفة بحيث يتم تبادل الأفكار والخبرات بين الطلبة ليتم تعيين طالب من كل مجموعة بشكل دوري ليقوم بتمثيل مجموعته عبر الويب.

استراتيجية التوجيه الذاتي: تعتمد كثيراً على المتعلمين، بحيث يضع المعلم الخطوط العريضة للمحتوى التعليمي وعلى المتعلم اختيار الطريقة المناسبة لتحقيق الأهداف التعليمية، ويتم من خلالها استخدام المتعلم للمصادر التعليمية المختلفة من مكتبات إلكترونية وعناصر التعلم الالكترونية.

العصف الذهني الإلكتروني: أسلوب يهدف إلى إثارة التفكير وقدح الذهن، ويتبع فيها عدة قواعد منها قبول جميع الأفكار، وتشجيع الطلاب لبناء أفكار الآخرين، واستخراج الأفكار والآراء من الأعضاء الصامتين وإعطائهم تعزيزاً إيجابياً.

استراتيجية تقصي المعرفة: تعتمد على الأنشطة الاستكشافية التي يعدها المعلم ويقوم الطلبة بتنفيذها من خلال أنشطة محددة تحتوي على روابط مصادر إلكترونية عبر الويب، وعلى طرق التقييم الذاتي التي يعتمد عليها المتعلم لمعرفة ما تم تحقيقه من الأهداف التعليمية المطلوبة.

استراتيجية المشاريع: تتناسب مع توجهات الطلبة العملية، حيث تعتمد على نشاط المتعلم وتنفيذه للمهام التعليمية المطلوبة في صورة مشروع نهائي، ويقدم المعلم التغذية الراجعة المناسبة للطلبة من خلال بيئة تعليمية إلكترونية، وغالباً ما يتم دمج استراتيجيات أخرى مع هذه الاستراتيجية.

الألعاب التعليمية: تهدف إلى تعليم موضوعات الدراسة من خلال الألعاب المسلية بغرض الإثارة والتشويق التي تحبب المتعلمين في تعلم هذه الموضوعات كما تنمي لديهم القدرة على حل المشكلات وتحتوي كل لعبة على عدد من المكونات منها مضمون اللعبة، والأهداف التعليمية للعبة، وقواعد اللعبة ودور اللاعبين، والتعليمات الخاصة باللعب وكيفية حساب المكسب والخسارة، وهذه المكونات يجب أن تكون معروفة للمتعلم قبل ممارسة اللعبة.

التعلم المبرمج: يتم فيه تجزئة المحتوى إلى وحدات تعليمية صغيرة مرتبطة مع بعضها بشكل تحدد فيه مسارات متعددة يتفاعل معها المتعلم ويعتمد انتقال المتعلم بين أجزاء المقرر على إجابته عن الأسئلة المختلفة من خلال اختبارات ذاتية.

التعلم التعاوني الإلكتروني: يتعاون الطلاب معا لتحقيق هدف تعليمي محدد ككتابة ورقة بحثية أو البحث عن مفهوم ما على الشبكة.

الاكتشاف الإلكتروني: تقوم على جعل المواقف التعليمية تحتوي على مشكلات تثير لدى المتعلم شعوراً بالحيرة والتساؤل، وتدفعه إلى البحث والاستقصاء عن المعلومات والحقائق والمفاهيم التي تمكنه من تكوين السلوك الذي يساهم في فهم هذه المشكلات وحلها.

حل المشكلات الإلكتروني: تهدف إلى مساعدة المتعلم، ليتمكن من إدراك المفاهيم المعرفية الأساسية في حل المشكلات التعليمية التي قد تواجهه وتوجيه سلوكه وقدراته، ويمكن تطبيقها عن طريق طرح مشكلة بحثية على الطلاب من خلال صفحة المقرر بحيث يطلب منهم توظيف ما قد تعلموه لحل المشكلة ولكن بشكل فردي، ويقوم كل طالب بمناقشة المعلم عبر الويب.

الوسائط المتعددة والفائقة: يتم استخدام المفاهيم والمهارات الإلكترونية وتنميتها وعرض المحتوى التعليمي من خلالها بدلاً من الطرق التقليدية.

البيان العملي الإلكتروني: ويتم استخدام البيان العملي في أداء المهارات أمام الطالب بعد إعداد خطواتها إلكترونياً على وسائط إلكترونية لتأكيد المعلومة العلمية بعرض خطوات التنفيذ.

المحاكاة: هي تمثيل لموقف أو مجموعة من المواقف الحقيقية التي يصعب على المتعلم دراستها على الواقع نظراً لتكلفتها أو خطورتها، حتى يتيسر عرضها والتعمق فيها لاستكشاف أسرارها، والتعرف على نتائجها المحتملة عن قرب.

المختبرات الافتراضيّة: بيئات تعليم وتعلّم إلكترونيّةً افتراضيّةً، تحدث فيها محاكاة المختبرات ومعامل العلوم الحقيقيّة، وذلك بتطبيق التجارب العلميّة افتراضيًّا، بصورة تحاكي التطبيق الحقيقيّ، وتكون متاحةً للاستخدام من خلال الأقراص المدمجة أو من خلال موقع على شبكة الإنترنت.

طرق توظيف استراتيجيات التعلم الإلكتروني:

يمكن توظيف استراتيجيات التعلم الإلكتروني في عمليتي التعليم والتعلم بإحدى ثلاث نماذج وهي:

  • النموذج الجزئي أو المساعد: ويتم من خلاله توظيف بعض أدوات التعلم الإلكتروني في دعم عملية التعلم الصفي وقد يتم أثناء الدوام المدرسي أو خارجه.
  • النموذج المختلط: وهو يتضمن الجمع بين التعليم الصفي والإلكتروني في مختبر الحاسوب.
  • النموذج الكامل للتعلم الإلكتروني: وبه يتم التعلم خارج حدود الصف الدراسي حيث تتحول الفصول إلى فصول افتراضية باستخدام أدوات التعلم الإلكتروني مثل غرف المحادثة والمنتديات والمؤتمرات الإلكترونية.

أهمية تبني استراتيجيات التعليم الإلكتروني:

عند التدريس لابد من مراعاة الفروق الفردية عند المتعلمين، وباعتبار أن التعليم الإلكتروني أصبح ضرورة ملحة في عصر التطور التكنولوجي، وفي الظروف الطارئة في العديد من الدول، فإن أهمية تبني استراتيجية من استراتيجيات التعلم الإلكتروني يعود للأسباب التالية:

  • إعطاء طريقة التعلم الشكل الصحيح.
  • تطوير مهارات التعلم المختلفة.
  • جعل إمكانية الوصول للمادة التعليمية أكبر.
  • تقديم الدعم المناسب للطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة.
  • تحسين جودة المخرج التعليمي.
  • زيادة المرونة وتقليل التكلفة والوقت.

إيجابيات التعلم الإلكتروني:

  • تكسب المتعلم مهارات متعددة.
  • تكون المادة التعليمية الإلكترونية أكثر فاعلية، مما يزيد الدافعية للتعلم.
  • تتضمن الاستراتيجيات العديد من المهارات مثل الملاحظة، المناقشة، المرونة
  • توفير المال.

سلبيات التعلم الإلكتروني:

  • يحتاج إلى توعية المجتمع وتهيئة البيئة المناسبة له.
  • انخفاض التفاعل الاجتماعي بين الطلبة مع بعضهم البعض ومع الطلبة والمعلم.
  • انخفاض مهارات العمل اليدوي واعتماده على الجزء النظري بشكل أكبر.
  • انخفاض الدور التربوي للمعلم، وصعوبة نقل المحتوى السلوكي.
  • تخلف بعض الطلبة عن الدروس.

 

في الختام يمكن القول أن التعلم الإلكتروني أصبح ضرورة ملحة لمواكبة التطور التكنولوجي ومتغيرات العصر ولكن مع وجود تخطيط جيد، وتهيئة نفسية الطالب وتهيئة الظروف المناسبة لتطبيقه.

 

 


المراجع:

  • الأتربي، شريف (2019): التعليم بالتخيل – استراتيجية التعليم الإلكتروني وأدوات التعلم-، العربي للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر.
  • البيطار، حمدي وآخرون (2020): فاعلية برنامج قائم على استراتيجية الفصل المقلوب لتنمية التفكير الإبداعي لدى التلاميذ الفائقين بالمرحلة الإعدادية الأزهرية بأسيوط، مجلة دراسات في مجال الإرشاد النفسي والتربوي، المجلد الثامن، العدد العاشر، جامعة أسيوط، مصر.
  • الرنتيسي، محمود وعقل، مجدي (2017): تكنولوجيا التعليم (النظرية والتطبيق العملي)، الناشر مكتبة آفاق، غزة.
  • عبد الباري، لينا جمال (2017): دور مديري المدارس الثانوية في توظيف التعلم الإلكتروني من وجهة نظر المعلمين بمحافظة العاصمة عمان، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الشرق الأوسط، عمان.
  • مصطفى، أكرم (2015): استراتيجيات التعليم الالكتروني المتكاملة.

البحث في Google:





عن فداء محمود الشوبكي

معلمة في وزارة التربية والتعليم - حاصلة على ماجستير في المناهج وطرق التدريس - شاركت في عدد من المؤتمرات والأيام الدراسية - نشرت لها بعض الأبحاث - غزة، فلسطين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *