تصوّر مُقترح للمنهج المُعزِّز للتفكير

هذا المقال من المشاركات المتأهلة للدور الأول من جائزة تعليم جديد التربوية، في نسختها الأولى.

توجد أسباب عدة تفرض علينا الاهتمام المستمر بتوفير فرص ملائمة لتطوير قدرات التفكير وتحسينها لدى الطلبة بصورة منظمة حتى يتمكنوا من التكيف مع متطلبات “الانفجار” المعرفي في هذا العصر، فقد دعا القرآن الكريم في العديد من آياته إلى التفكير والتدبر، كما أنه (أي التفكير) يُشكِّل أثرا كبيرا وعاملا مهما في النجاح في الحياة العملية والعلمية. فالتفكير لا ينمو تلقائيا، بل يتطلب مِرانا وممارسة، وقد اتفق علماء التفكير ومتخصصوه على ضرورة أن يتعلم الطلبة التفكير بشكل مخطط له ومقصود داخل المؤسسة التعليمية.
ويُعرف التفكير بأنه عمليات عقلية مستمرة في الدماغ، لا تتوقف ولا تنتهي، طالما أن الإنسان في حالة يقظة، وهو يُبنى على الخبرة والذكاء ويتم لحل مشكلة ما، ويُعتبر التفكير مهارة مهمة من المهارات الأساسية في العملية التعليمية، وذلك لعلاقتها القوية في تطوير قدرات المتعلم.
ففي ظل التقدم المعرفي والتطور التكنولوجي الذي غزا كافة مجالات الحياة، كان لابد من بناء المناهج التعليمية وتطويرها بما يتناسب مع هذا التطور، وما يُساعد المتعلم على التكيف مع المتغيرات المتلاحقة والمتسارعة في الميادين المختلفة، (مناهج تعليمية تعمل على إثارة تفكير المتعلم).
فالمنهج المعزز للتفكير هو المنهج الذي يدفع إلى تعليم الطلبة أساليب التفكير المختلفة، وعليه نسوق أسفله بعض الاقتراحات لبناء منهج معزز للتفكير يشمل عناصر المنهج الأربعة وهي: الأهداف التعليمية، والمحتوى التعليمي، والأنشطة والأساليب، والتقويم، بالإضافة للبيئة التعليمية.

أ- الأهداف التعليمية

لكي يُعزز المنهجُ التفكيرَ لدى المتعلم لابد أن تُساعد الأهداف التعليمية على ذلك، من خلال تركيزها على أسلوب حل المشكلات، وتنميتها لقوة الملاحظة ودقتها لدى المتعلم، وأن تكون ذات علاقة بمستويات التفكير العليا مثل أن يستنتج، أن يُبدي رأيه.. إلخ، وأن تركز على تنمية الشخصية المتكاملة للمتعلم، كما يجب تتنوع الأهداف التعليمية بحيث تشمل التطورات المختلفة الخاصة بالمادة التعليمية.

ب- المحتوى التعليمي

أما بالنسبة للمحتوى التعليمي فيجب أن يتضمن مجموعة الخصائص حتى يُساعد المتعلمَ على تنمية التفكير لديه من خلال إتاحته الفرصة للمتعلم للاتصال بالبيئة المحيطة به والتعامل معها لتحقيق مزيد من الاندماج والتفاعل، وأن يكون قادرا على جعل المتعلم يُولد الأفكار الجديدة اعتمادا على الخبرات السابقة، وأن يعرض المحتوى التعليمي المعلومات التي تُمكن المتعلم من الاكتشاف والوصول للمعلومات، بالإضافة للإكثار من الأمثلة والتدريبات التي تسعى إلى تنمية مهارات التفكير لدى المتعلم، وإبراز نماذج في المحتوى للعلماء والمفكرين ودورهم الريادي في اكتشاف العلوم، وأن يُبنى المحتوى على فلسفة تنمية التفكير لدى الطالب، وأن يكون ذا معنى ومرتبط بحاجات المتعلم وهمومه وميوله.

ج- الأساليب والأنشطة

أما فيما يتعلق بالأساليب والأنشطة الصفية واللاصفية فيجب أن تتوفر فيها مجموعة من الخصائص لتُساعد المتعلم على تنمية تفكيره، وذلك من خلال التنويع في الأساليب و الطرائق و الاستراتيجيات في تقديم المعلومة وعرضها حتى يجد المتعلم ما يناسب ميوله، والتركيز على التعلم القائم على التعلم النشط، واستخدام البحث العلمي للوصول للمعرفة وتوظيف التقنيات الحديثة في الحصول على المعرفة، وتعريض المتعلم لمثيرات تُساعد على تنمية تفكيره، والإكثار من استخدام الأسئلة المفتوحة، وإعطاء فرصة كافية للتفكير حتى يصلوا لحلول سليمة.

د- البيئة التعليمية

للبيئة التعليمية أهمية كبيرة في تنمية التفكير وتعزيزه لدى المتعلم من خلال توفير القاعات والمختبرات المجهزة بما يحتاجه المتعلم للحصول على المعرفة، كما ينبغي أن تتصف البيئة التعليمية بالترتيب والنظافة، وتكون مناسبة من حيث التهوية والأمان ومثيرة للمتعلم ومُشوقة له، وتُوفر استخدام المعامل الافتراضية والبرامج الإلكترونية، وتكون غنية بالمصادر والوسائل التي تُساعد المتعلم على التفكير، وتُنوع من الوسائل ومصادر التعلم حتى تُلبي حاجات المتعلم وتُشبع رغباته التعليمية.

هـ- التقويم

يُعتبر التقويم عنصرا مهما من عناصر العملية التعليمية والذي نستدل من خلاله على مدى تحقق الأهداف التعليمية لدى الطالب بعد مروره بالخبرة التعليمية، ولابد أن تتوفر في التقويم مجموعة من الخصائص تُساعد المتعلم على تنمية تفكيره، وذلك بتنمية قدرته على إنتاج سيل من الأفكار والتصورات الإبداعية للوصول لمعالجة المشكلات.
و في علاقة بالتقويم، توجد أمور يجب إيلاؤها الأهمية التي تستحق، ومنها قدرة التقويم على تشجيع المتعلم على التفكير العلمي، وضرورة التنويع في أساليب التقويم، والتركيز على التقويم الذاتي للمتعلم، ومراعاة الفروق الفردية في التقويم، وإتاحة الفرصة للمتعلم لتقييم الحلول المطروحة.

على سبيل الختم

إنّ تضمين التفكير في المناهج التعليمية من خلال ممارسات لعناصر المنهج الرئيسية أو من خلال تعليم التفكير كمحتوى مستقل (أي ما يُعرف بالتعليم المباشر للتفكير)، لهو أمر مهم وضروري يجب على المتخصصين وواضعي المناهج التعليمية أخذه بعين الاعتبار من أجل بناء أجيال تستطيع أن تُقدم للبشرية الإبداع والابتكار وبناء حضارة تُسجل في التاريخ.

البحث في Google:





عن أميرة فؤاد عيد النحال

معلمة تكنولوجيا المعلومات بغزة، حاصلة على ماجستير مناهج وطرق تدريس- تكنولوجيا التعليم، طالبة دكتوراه، رئيس مجلس الإدارة لجمعية ريحانة لتنمية المرأة والطفل، عضو مجلس استشاري للجمعية الإسلامية برفح، عضو مؤسس لجمعية تطوير القدرات الشبابية برفح، ناشطة إعلامية.

تعليق واحد

  1. د. محمود أبو فنّه

    أبارك معالجة مثل هذه الموضوعات المهمّة لإكساب المتعلّمين
    مهارات التفكير بمستوياتها المختلفة، خاصّة وأنّ تدفّق المعلومات
    وتراكمها يستدعي التمحيص والغربلة والاختيار، كذلك لن ترقى
    الشعوب ولا الأفراد بدون التركيز على الإبداع والابتكار!
    أخيرًا أرجو الانتباه لسلامة اللغة والألفاظ والإملاء؛ فالفعل غزى خطأ
    والصواب غزا، واعتماداً خطأ والصواب اعتمادًا لأنّ التنوين يُكتب على الدالّ
    الحرف الصحيح وليس الألف الحرف المعتلّ!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *