المدرسة الإلكترونية

المدرسة الذكية / الحكيمة والتفكير الناقد بعد كورونا

مقدمة

لقد ذُكر اصْطلاح المدرسة الذكية (بيركينس،1992)، في الكُتب المَدرسية والدَّوريات الخاصة بالتَّفكير النَّاقد، التي قامت بنشرها “حركة التفكير الناقد” في ثمانينات القرن الماضي، والتي كانت  تهدف الى تغيير فكرة نقل المعرفة إلى عملية تعلم وفهم وتفكير ليصبح التفكير الناقد نموذجًا في توجيه التدريس في المؤسسات التربوية (صغير،2022).

لا يوجد تعريفٌ واضحٌ ومُحدد لاصطلاح “التَّعلم الذكي”، ناقش الباحثون متعددو التَّخصصات والمِهنيون التربويون بشكل دائم مفهوم التعلم الذكي. فأشار جواك إلى أمرين،

أولاً، أن التَّعلم الذكي يُركز على المُتعلمين وعلى المحتوى أكثر من الأجهزة والوسائل.

ثانيا، أنَّ التَّعلم الذكي هو  تعلم فعال ويعتمد على أُسس ومبنى التكنولوجيا، وبهذا تلعب التكنولوجيا دورا مهما في دعمه (جواك،2010).وأشار كيم وآخرون (2013)، إلى أن التَّعلم الذكي هو نموذج تعليمي يُركز على المُتعلم لتطوير قدراته العامة وليس نموذجًا يركز فقط على استخدام الأجهزة التكنولوجية. أما ميدلتون فيرى  بأن “التَّعلم الذَّكي” هو التَّعلم الذي يستند فيه المُتعلم على اسْتخدام التقنيات  التكنولوجية  لزيادة استقلاليته في التَّعلم واسْتعمال طرق أكثر تعزيزًا لتعلمه الشَّخصي المستقل (ميدلتون، 2015).

التَّربية الذكية، التَّعلم الذَّكي والمدرسة الذكية / الحكيمة، هي مفاهيم تَصف التَّعلم في العصر الرَّقمي. حظي  هذا النَّوع من التعلم  باهتمامٍ متزايد من قبل  الباحثين، كما  أسهمَ التَّطور التكنولوجي وتكنولوجيا الاتصالات في نهاية القرن الماضي، في تطور المدرسة الذكية. و في الآونةِ الأخيرة، أصبحَ التركيز في التعليم الذكي وتطوراته اتجاهاً جديداً في مجال التعليم في الدول المختلفة في العالم، كما أشارت العديد من الأبحاث إلى الاهتمام بالأنشطة الأصيلة والإبداعية التي يعمل فيها المُتعلمون لحل المشكلات في العالم الحقيقي. (Hwang. eT al.2008)

ومن أجل وضع الطلاب في بيئات تعلم أصيلة تسهم في خلق قدرات ابداعية، يجب تصميم التَّعلم الذي يجمع بين بيئات التعلم الحقيقية وبيئات التعلم الافتراضية، وأن يتم شرح عملية التعلم بشكل سلس وسهل، هذا الأمر يُسهم في التَّعلم المُتنقل والتَّعلم في كل مكان والتعلم عن بعد.

فمع تطور التقنيات المحمولة والمتصلة والشَّخصية، أصبح التَّعلم المُتنقل نموذجًا رئيسيًا لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. يؤكد التعلم المتنقل على استخدام الأجهزة المحمولة ويركز على تنقل المتعلم، على عكس الأنواع التعليمية التقليدية الثابتة (جيتس، 1988)، بالإضافة إلى ذلك، أدى دعم التكنولوجيا في كل مكان إلى مزيد من التغييرات التي نقلت أسلوب التَّعلم بعيدًا عن التعلم المُتنقل إلى التَّعلم الشَّامل الذي يؤكد أن التَّعلم يمكن أن يحدث في أي وقت وفي أي مكان دون قيود الوقت أو المواقع أو البيئات (هوانغ، 2008). هذه النماذج من التعلم تعكس التعلم الفردي والاجتماعي الذي يمكن المتعلم من التعلم الرسمي والغير رسمي في الأوقات والمواقع المختلفة من خلال الجهاز الذكي الشخصي للفرد.

المدرسة الذكية

هي مدرسة لها فلسفة خاصة مختلفة عن المدرسة التقليدية وتستند على الإطار الفلسفي  للفلسفة البراغماتية، التي ترى بأن التقدم التكنولوجي يسبق التقدم الاجتماعي مما يؤدي إلى عدم القدرة على التكيف للفرد مع الواقع الجديد. وللتغلب على الهوة الثقافية بسبب عدم التكيف، على التربية أن تقدم الأدوات لمساعدة الأفراد للتأقلم مع مُستجدات العصرحتى يحدث التجديد والإبداع (ديوي، 1938:1910)، فالمدرسة الحكيمة (الذكية) لها  أهدافٌ محددة،  تسعى لتحقيقها، وهذه الأهداف قابلة للتحقيق، وتنعكس على شكل معارف مهارات وخبرات يطورها الطالب، هذه المعارف واقعية يمكن أن يمتلكها الطالب ويُترجِمها في سلوكياته، وامتلاك هذه المعلومات يكون بترتيب زمني لخطة تعليمية مضبوطة (نهاري، 2019).

تعتمد المدرسة الذكية على تكنولوجيا المعلومات في الإدارة المدرسيَّة كي يَتحقق الهدف المنشود، المعلمون يقومون بإدارة الدروس باستعمال التقنيات والحاسوب لشرح المواد والمناهج، أما الطالب فيطور قدراته في البحث عن المعلومات في المواقع المختلفة والبحث في الإنترنيت. أي أنَّ التطور يكون في أوساط المعلمين والطلبة. وبهذا فإن المدرسة الذكية تعتمد على الاستعمال الكلي لوسائل تكنولوجيا التعليم (نهاري،2019).

أما العوامل التي ساهمت في تطور المدرسة الذكية فهي تكنولوجيا الاتصالات، لأنها تسهل عملية الحصول على المعلومات ومعالجة هذه المعلومات بسرعة في التخزين، الاستخدام، الإحصاء والتحليل وهذه المعالجات السَّريعة تُساعد في إنجاز المهام وتحقيق الأهداف بسرعة (ديفيز، 2000).

هناك بعض الأخطاء الشَّائعة حول التَّسمية “المدرسة الذكية” (Smart schools). اعتقد البعض أن هذه المدارس ذكية ومستقبلية بينما المدارس التي لا تتصف بصفاتها هي مدارس غبية (الصعيدي, 2005).

فمصطلح المدرسة الذكية هو اخْتصار لمجموعة كلمات، وهي:

  • محددة Specific
  • يمكن قياسها Measurable
  • ممكنة التحقيق Achievable
  • واقعية realistic

انبثق تعريف المدرسة الذكية من وظيفة هذه المدرسة بأنها معاكسة للمدرسة التقليدية، فالمدرسة التقليدية تَتميز بعدم مراعاة الفروق الفردية فالطالب متلق غير فعال ولا يوجد استعمال للوسائل التعليمية أثناء العملية التعليمية، أما المدرسة الذكية فإنها تختلف في مبناها التنظيمي وهدفها في تطوير قدرات الأفراد ودمجهم مع المجتمع وتطوير قدراتهم بحيث تتلاءم هذه القدرات مع تحديات العولمة ومستجدات العصر، وبهذا المدرسة الذكية، تَكون بديلة للمدرسة التي تُشبه المَصنع (ويسك، 1998)، مع ضرورة استعمال طرق تدريس متنوعة  كالتَّعلم التعاوني،  ومَجموعات البحث، والتَّعليم الديمقراطي، والتعليم لمُجتمع مُتعدد الثَّقافات، والتَّعليم من أجل التَّفاهم (سيغال، 1988).

أما دور المعلم في المدرسة الذكية، فهو التخطيط للعملية التعليمية التربوية الذي ينعكس في تحديد المادة، الأهداف والفعاليات التَّعلُّمية ويكون المعلم مراقبا مرشدا وموجها للطالب أثناء تعلمه. أما الطالب فهو في محورالعملية التعليمية وهو طالب إيجابي فعال يبحث عن المعلومات يتعلم باللعب والحركة، يجري التَّجارب ويكون التعلم بشكل فردي أو جماعي/ تعاوني (نهاري،2019) مُحاط  ببيئة تعليمية داعمة ومشجعة.

مميزات المدرسة الذكيَّة

أهم مميزات المدرسة الذكية، أنها تتبنى نظرية الذكاءات المتعددة (جاردنر،1983) وتُطور فعاليات تَعليمية تُسهم في تَطوير الذكاءات المُتعدِّدة بواسطة توفير بيئة تدريس من أجل التَّعلُّم البناء الذي يَمنح المُتعلم القدرة على بناء فهمه ومعرفته.

كما تعمل المدرسة الذكية على اختيار مناهج ومقررات تَدريسية تتلاءَم مع حاجات الطلاب وقدراتهم ومستوياتهم الدراسيَّة المختلفة.

بالإضافة إلى ذلك تعمل على تخطيط عملية تدريس تضمن للطلاب الاندماج مع روح العصر والتجديد والعولمة والحياة المستقبلية (الحر،2001).

تتميز المدرسة الذكية بإدارة مدرسيَّة جديدة قيادية، تمتلك القدرة على المبادرة وتحفيز المعلمين على استعمال الوسائل التعليمية والتقنيات وتكنولوجيا المعلومات..

في المدرسة الذكية  يُشارك المُعلِّمون وأولياء أمور الطُّلاب مع الطلاب أنفسهم في اختيار البرامج الدراسيَّة، ويشاركون في تنفيذ بعض الأنشطة المَدرسيَّة الصفيَّة واللاصفية المهمة كالمشاركة في رحلات دراسيَّة وفعاليات لا منهجية.

يتضمن مفهوم المدرسة الذكيَّة على المبادئ الآتية: أولا، تقديم وسائل تعليم أفضل وطرائق تدريس أكثر تقدماً، من أجل تطوير مهارات الطلاب وتفكيرهم من خلال البحث عن معلومات باستخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والإنترنت في المجالات والمواد التعليميَّة المختلفة، وتحويل العمليَّة التَّعليميَّة إلى عمليَّة ترتكز على تعليم الحاسوب والإنترنت.

ثانيا، تعمل المدرسة الذكيَّة على توفير الفرص لتقديم دراسات وأنشطة جديدة مثل تَصميم مواقع الإنترنت والجرافيك والبرمجة، وإنتاج هذه البرامج والأنشطة يشكل مصدراً إيراديا للمؤسسة التعليميَّة.

ثالثا، تتميز المدرسة الذكية بالاتصال مع المدارس الأخرى لتبادل المعلومات وتشجيع روح المنافسة العلمية والثقافية، وإقامة منافسات علمية بواسطة الإنترنيت.

رابعا، المدرسة الذكية تتبنى خططا لتطوير المناهج بشكل مستمر، مما يسهم في تنمية تفكير ومهارات التدريس للمعلم.

أهداف المدرسة الذكية عالمياً

تنعكس أهداف المدرسة الذكية في تطوير قدرات التلاميذ من خلال المناهج التي تمنح الطَّالب أن يتقدم وفقًا لقدراته من خلال توجه تدريسي واستعمال تقنيات تعليمية تعمل وتُشجع على تطوير خبرات و مهارات الطلاب، هذه  المهارات والخبرات تؤهل المتعلمين ليكونوا مستقلين مدى الحياة في فهم التنوع الحضاري والثقافي والقدرة على تقييم الذَّات والقدرة على الوعي والممارسات الخلقية في الأعمال المختلفة. ويمكن إيجاز هذه الأهداف كالآتي:

  1. إدخال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالمدارس
  2. تعميق المعرفة، البحث والتحصيل للوصول للابتكار.
  3. تشجيع المجتمع لتحقيق الأهداف القومية من التعليم.
  4. تحويل المدرسة الى وحدة انتاجية ومركز تعليم مجتمعي.
  5. المشاركة في احداث النَّقلة النَّوعية في التعليم.
  6. تنمية قدرات المدرسين والطلبة.
  7. تنمية دخل المدرسة.
  8. ربط الأسرة بالمدرسة والمدرسة بالمجتمع والمجتمع.
  9. ربط مكتبة المدرسة بالمكتبات العالمية (عبد الحي، 2010).
  10. تقرير اليونسكو ونتائج التجربة.

لقد أشارتقرير اليونسكو ” منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “،  إلى أن الأهداف المرجوة  للمدرسة الذكية حتى نهاية 2015 لم يتحقق منها أي هدف على المستوى العالمي (نهاري،2019).

من خلال التعريفات السابقة نستطيع الإجمال بأن التعلم الذكي يتميز بأنه، مُوجه ذاتي، محفز، مُساعد على التكيف، ومُثري بالموارد، ومدْمِجٌ في التكنولوجيا..

كما أنه يشمل الأشكال والنماذج المختلفة للتعلم كالتَّعلم الرَّسمي وغير الرَّسمي، التعلم الاجتماعي والتعاوني، التعلم الذاتي والتعلم الملائم لقدرات الطلاب والتركيز على المحتوى.

يتضمن إطار التدريس الذكي تعليماً متنوعا يعتمد على مستويات الطلاب داخل الصف، وتعلمًا تعاونيًا جماعيًا، وتعلمًا شخصيًا فرديًا، وتعلمًا توليديًا جماعيًا.

لقد تبنت عدة دول تنفيذ مشاريع تعليمية التي تركز على التعليم الذكي على مستوى العالم في السنوات الأخيرة، أهم هذه الدول:

ماليزيا، استراليا، سنغافوره، كوريا الجنوبية، كندا، فنلندا والإمارات العربية المتحدة، تبنت ماليزيا خطة تنفيذ المدرسة الذكية الماليزية بدعمٍ من الحكومة الماليزية، ففي وقت كانت الخطة تهدف لتحسين النِّظام التعليمي من أجل تحقيق الفلسفة الوطنية للتعليم وإعداد القوى العاملة التي تواجه تحديات القرن الحادي والعشرين (.(Chan 2002

تبنت سنغافورة منذ (2006) مشروع الخطة الرئيسية “للأمة الذكية”. (iN2015). (Hua 2012) في هذه الخطة، يُعد التعليم المدعوم بالتكنولوجيا جزءا منها.

في الخطة، تم إنشاء ثماني مدارس مستقبلية تركز على خلق بيئات تعليمية متنوعة، بحيث تكون التكنولوجيا جزءا داعما للتَّعلم والتَّدريس.

أما استراليا فتعاونت مع شركة IBM وصممت نظاما تعليميا ذكيًا متعدد التَّخصصات يربط المدارس والمؤسسات بالتكنولوجيا، يركز على الطلاب وتنمية قدراتهم وتدريبهم كقوى عاملة في المستقبل.

أما كوريا الجنوبية فكان لديها المشروع التعليمي ” SMART” وتتمثل مهمة البرنامج  “سمارت” الرئيسية في إصلاح النظام التعليمي وتحسين البنى التحتية التعليمية . (Choi and Lee 2012)

ويؤكد برنامج المدرسة الذكية في نيويورك على دور التكنولوجيا المُدْمَجة في الفصل الدراسي (تقرير لجنة المدارس الذكية في نيويورك، 2014). كما يركز على تعزيز تحصيل الطلاب وإعداد الطلاب للمشاركة في اقتصاد القرن الحادي والعشرين.

كما أنجزت فنلندا أيضًا مشروعًا تعليميًا ذكيًا يمثل حلول التعلم النظامية المستمرة (SysTech)  في عام 2011. ويهدف المشروع إلى تعزيز التعلم في القرن الحادي والعشرين من خلال حلول التعلم التحفيزية والموجهة للمستخدم. (Kankaanranta  و Mäkelä 2014)

وبدأت دولة الإمارات العربية المتحدة في استثمار برنامج التَّعلم الذكي المُسمى برنامج “محمد بن راشد” للتعلم الذكي في عام (2012)،  (MBRSLP).

يهدف البرنامج إلى تشكيل بيئة تعليمية وثقافية جديدة في مدارسهم الوطنية من خلال إطلاق الفصول الذكية.

أما في مصر، تهتم المدرسة الذكية بالخلفية العلمية والتاريخية لمصر القديمة، يركز البرنامج على تاريخ الأهرامات وأبو الهول في الجيزة، ومن الناحية الثانية تلتزم بأعلى معايير التعليم البريطاني، هذه المدرسة مسجلة كمدرسة دولية في المرسوم الوزاري عن وزارة التربية المصرية في تاريخ 16-8-2004. ومجهزة بمختبرات علوم ومختبرات حاسوب، مكتبة وقاعة أدوات ووسائل الإعلام الأخرى ومكتبة مركزية، التي تم تصميمها وفقا للمعايير واللوائح الدولية الأكاديمية. هذه المدرسة فازت في امتحانات كامبردج وحازت على جائزة الفائز في امتحانات جامعة كامبردج الدولية وجائزة المجلس الثقافي البريطاني لأنها أول مدرسة في مصر تقدم برنامج كامبريدج الدولي الأول (سيب) (الصعيدي، 2005).

تقرير اليونسكو ونتائج التجربة

لقد أشار تقرير اليونسكو “منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “، إلى أن الأهداف المرجوة  للمدرسة الذكية حتى نهاية 2015 لم يتحقق منها أي هدف على المستوى العالمي (نهاري،2019).

المدرسة الذكية ما بعد كورونا

تقييم الوضع بعد جائحة كورونا وتأثيره على موضوع تكنولوجيا التعليم والمدرسة الذكية، فإننا نلاحظ أنَّ استعمال التكنولوجيا في التعليم أمرٌ أساسي وضروري في المؤسسات التربوية بشكل عام فبعد اجتياح فيروس كورونا العالم، تطور دور المدرس ليشمل إتقان استخدام الوسائل التعليمية التكنولوجية ليتخطى بهذا دوره الأساسي في إتقان المادة، التمكن منها واستعمال الطرق والأنشطة التعليمية والقدرة على التكيف مع الظروف الحرجة والسيطرة على المتعلمين.

إن توقف التَّعليم العادي بسبب جائحة كورونا أدى إلى الكشف عن حقائق أهمها استعداد وجاهزية المعلمين في استعمال وسائل تكنولوجيا التعليم كذلك المجتمعات والدول والمدارس في بناها التحتية لاستقبال هذه النقلة النوعية المفاجئة باستعمال تكنولوحيا التعليم في التدريس في المؤسسات التربوية بشكل عام، بلا شك كان هناك اختلاف وتفاوت في قدرة المؤسسات في التأقلم لهذا الموقف الجديد. فقدرة طواقم التدريس والمعلمين على التكيف مع مستجدات هذه الحقبة واستعداداتهم لاستعمال تكنولوجيا التعليم هو الأمر الأساسي في التغلب على الفجوة  بين التدريس ما قبل وما بعد جائحة كورونا.

بلا شك، لقد أسهمت أزمة كورونا في تطور المؤسسات التربوية والمدرسين في التَّطور السريع والنوعي في استعمال تكنولوجيا التدريس والتعليم مما يخدم أهداف المدرسة الذكية.

لقد خدمت جائحة كورونا توفير المواد التعليمية وفرص التَّعلم والتواصل بين المعلمين والطلبة بشكل أفضل وأوسع مما خدمت بناء الفهم، المعرفة، التفكير الناقد  وتنمية طاقات المتعلمين وقدراتهم وتطور شخصياتهم بشكل عام وهو الهدف المنشود لكل مؤسسة تعليمية في الأجيال المختلفة وحثت الرياديّين في مجال التعليم الرقمي بالعمل على توفير الأدوات وآليات التعليم.

إجمال

مع تطور التقنيات المحمولة والمتصلة والشخصية، أصبح التعلم المتنقل نموذجًا رئيسيًا لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. يؤكد التعلم المتنقل على استخدام الأجهزة المحمولة ويركز على تنقل المتعلم، على عكس الأنواع التعليمية التقليدية الثابتة. بالإضافة إلى ذلك، أدى دعم التكنولوجيا في كل مكان إلى مزيد من التغييرات التي نقلت أسلوب التعلم بعيدًا عن التعلم المتنقل إلى التعلم الشامل الذي يؤكد أن التعلم يمكن أن يحدث في أي وقت وفي أي مكان دون قيود الوقت أو المواقع أو البيئات. كما أسهم هذا النوع من التعلم في مساعدة المؤسسات التعليمية المختلفة للتأقلم مع ازمة كورونا بنسب مختلفة وفرض ذاته وأصبح شكلا أساسيا في تنظيم وادارة الدروس وأصبح جزءًا لا يتجزأ من تخطيط العملية التعليمية التربوية والتعلم ذو المعنى والتفكير الناقد بمركباته المختلفة (صغير2021).

يتضمن إطار التدريس الذكي تعليماً مُنوعا يعتمد على خصائص الطلاب وقدراتهم المختلفة، وعلى استعمال التعلم التَّعاوني والعمل في المجموعات، والتعلم الشخصيً الفرديً، والتعلمً التوليديً الذي يعتمد على الحوار.

إن توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في كافة الأنشطة التعليمية، وتوفير البيئة المعلوماتية الملائمه  لاحتياجات الطلاب والمعلمين، تجعل العملية التَّعليمية  أكثر نجاحًا وتمنح الفرصة للمعلمين  بالتقدم الافضل لأنهم يضفون الحيوية والإبداع في عملهم كمعلمين كما أشار غيتس (رئيس ومؤسس شركة ميكروسوفت).

للمدرسة الذكية أهداف واقعية محددة يمكن تحقيقها بواسطة فعاليات تعليمية تحدث وتتحقق بترتيب زمني معين، وهي مدرسة تعتمد على تكنولوجيا المعلومات في كافة جوانب العملية التعليمية، إدارة الدرس، الفعاليات التعليمية، حضور وغياب التلاميذ، جميع هذه العمليات يتم رصدها بشكل تكنولوجي من خلال أجهزة الكمبيوتر (الصعدي،2005). استنادا لتقرير اليونسكو، فإن الأهداف المرجوة للمدرسة الذكية حتى نهاية 2015 لم يتحقق منها أي هدف على المستوى العالمي (نهاري،2019)، لذا، نرى ضرورة إجراء دراسات لفحص مدى تحقيق هذه الأهداف بعد جائحة كورونا في المؤسسات التربوية المختلفة وإلى أي مدى تحققت وأسهمت في تطور المدرسة الذكية في الأوساط التربوية؟

 


المراجع العربية

  1. الحر، ع،(2001).مدرسة المستقبل، مكتب التربية العربي لدول الخليج
  2. الصعيدي، س(2005)المدرسة الذكية نمدرسة الفرن الحادي والعشرين-دار فرحة للنشر والتوزيع مصر
  3. جيتس،ب (1998)المعلوماتية بعد الانترنيت (طريق المستقبل )ترجمة عبد السلام رضوان سلسلة عالم المعرفة .المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويت
  4. ديفز، د (2000) التعليم والتدريب في القرن الحادي والعشرين، مقدمة كتاب التعليم العالي والعربي تحديات الالفية الثالثة، مركز للدراسات والبحوث الإستراتيجية
  5. ديوي، ج (1978)  المدرسة والمجتمع، دار مكتبة الحياة للطباعة والنشر 4.
  6. عبد الحي، ر (2010)المدرسة الذكية ومستقبل التعليم في الوطن العربي، مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع
  7. الذكاءات المتعددة،  مكتبة نور    6. غاردنر،ها(1983),  
  8. Noor-book.com
  9. نهاري، ح (2019)المدارس الذكية بين رهانات الجودة وتحديات الواقع “التجربة المصرية أنموذجا “،مجلة العربية
  10. صغير، ع (2022) التَّفكير النَّاقد وأشهر عُلماء المُسلمين, تعليم جديد https://www.new-educ.com
  11. صغير، ع (2021) التأهيل المهني للمعلمين و التفكير الناقد ، تعليم جديد  https://www.new-educ.com

المراجع الإنجليزيه

10. Chan, F.M. (2002) ICT in Malaysian schools: Policy and strategies. ICT in Education, pp. 15–22

11. Choi, J. W. & Lee, Y. J (2012) the Status of SMART Education in KOREA. World Conference on Educational Multimedia, Hypermedia and Telecommunications

12. Gawks, D.(2010) The meaning and predict of Smart Learning, Smart Learning Korea Proceeding, Korean e-Learning Industry Association

13. Hwang, G .j Tsai, C.C. & Yang, S.J.H (2008) Criteria, strategies and research issues of context-aware ubiquitous learning. J. Educ. Technol. Soc 11(2), 81–91

14. Middleton, A (2015) Smart learning: Teaching and learning with smartphones and tablets in post compulsory education (Media-Enhanced Learning Special Interest Group and Sheffield Hallam University)

15. Kim, T&. Cho, J.Y &Lee, B.G. (2013) Evolution to smart learning in public education: a case study of Korean public education, in Open and Social Technologies for Networked Learning, ed. by L. Tobias, R. Mikko, L. Mart, T. Arthur (Berlin Heidelberg, Springer, 2013), pp. 170–178

Perkins, D.N. (1992) Smart schools: Better thinking and learning for every child .new York: free Press

البحث في Google:





عن عطاف مناع صغير

مرشدة ومحاضرة في قسم التربية في الكلية العربية لإعداد المعلمين في حيفا، منذ سنة 1997 وحتّى الآن ، كما عملت في كليتي غرناطة (كفر كنا ) وكلية سخنين لإعداد المعلمين في السَّنوات ( 2004- 2006 ) بالإضافة لعملها في الكلية في حيفا. طالبة دكتوراه في علم النفس التربوي والتفكير. صدر لها العديد من المقالات في الإدارة التربوية والفلسفة باللغة العربية و اللغة العبرية. صدر لها العديد من الدواوين الشعرية. - فلسطين -

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *