تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة

تنمية بعض المهارات الحياتية الإلكترونية لذوي الاحتياجات الخاصة باستخدام بيئات التعلم التكيفية

مقدمة:

ينتظر الوالدان بترقب ميلاد طفل جديد في الأسرة، و يبدأ كل منهما في تكوين صورة خاصة لهذا المولود القادم، ويستعدون للاحتفال بقدومه كفرد جديد في الأسرة المصغرة وللعائلة الممتدة ككل دون التفكير مطلقا عن احتمال أن يكون مولوداً من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهنا تكون صدمة الوالدين عند اكتشاف أنهما رزقا بطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، فتتحطم تلك الصورة المثالية لطفل معافى جسديا وعقليا والذي يعتبر بالنسبة للوالدين امتداداً لهما في هذه الحياة وأملهما في المستقبل لتحقيق مشاريع وطموحات كثيرة، ومنه تنقلب حياتهما رأساً على عقب ويتغير نمط معيشتهما، فتجد الأسرة عامة والوالدان خاصة صعوبة في تقبل هذا الوضع والتأقلم معه، فتختلف ردود أفعالهما بين الصدمة والخوف والقلق والإحباط وعدم الارتياح، وغيرها من الانفعالات التي تؤثر على حالتهم النفسية والجسدية.

ويمثل قلق المستقبل نوعاً من أنواع القلق العام، وهو حالة تنتاب الفرد بسبب نظرته التشاؤمية نحو المستقبل، والتي تُنتجها أفكاره غير العقلانية عن المستقبل، وربما يرتبط ذلك بعدم تمكن الأفراد من السيطرة على أدوات حاضرهم ومستقبلهم. وللمستقبل والاهتمام به أولوية في حياة الناس عامة، كما له أهمية خاصة لدى آباء الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة؛ حيث يكونون أكثر تخوفاً من المستقبل، ويترقبون ما يخبىء المستقبل لأبنائهم من خبايا أو صدمات، والخوف من فقدان من يساندهم ويدعمهم في الحياة. أحمد مصطفى (2017، 41)

يشكل وجود طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة عبأ ومسؤولية كبيرة لأفراد الأسرة ككل من إخوة وأخوات منها: الإحساس بعبء المسؤولية والشعور بالذنب والخوف وكذا على الوالدين بشكل مباشر حيث تبقى المسؤولية والعبء الأكبر على الوالدين بالدرجة الأولى، فتربية طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة تشكل مهمة بالغة الصعوبة بالنسبة لهما، فالتعامل مع طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، طفل يختلف عن الأطفال العاديين في الخصائص العقلية أوالقدرات الحسية أوالخصائص العصبية أو الجسمية أو في السلوك الاجتماعي أو الانفعالي وفي القدرات التواصلية.

وهناك العديد من المشاكل التي يعاني منها ذوو الاحتياجات الخاصة ومنها ما يلي: عايش صباح (2016، 44)

  • إمكانيّة التنقل: يُعاني بعض الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من مشاكل كثيرة بسبب إمكانية الوصول؛ إذ أنّهم ينتقلون على الكراسي المتحركّة أو العكازات، كما أنّه نادرًا ما تُصمم الأماكن العامة لمراعاة راحة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، فمثلًا لا يُوجد منحدرات أو ممرات ضيّقة لذلك من الصعب نقل الأشخاص ذوي الإعاقة، لكن حاليًا أصبحت الكراسي المُتحركة رائعة للغاية وسهلة التحرّك، كما أنّ بعض المباني تحتوي على مصعد خاص لذوي الاحتياجات الخاصة لتسهيل التنقّل.
  • صعوبة حصولهم على حقّهم في التعليم: إنّ التعليم حق أساس للجميع ويجب أن يكون التعليم مجانيًا للجميع، لكن في الواقع هناك الكثير من ذوي الاحتياجات الخاصة موجودين خارج المدرسة ومحرومين من التعليم الذي هو حق لهم، إلّا أنّه في الوقت الحاضر اُفتتحت العديد من المؤسسات التي تُركّز على تعليم هذه الفئة.
  • الشعور بالتجاهل: عند التعامل مع الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة لا يعني ذلك بأنّهم يُعانون من ضعف السمع أو البصر، لذلك يجب إزالة الحواجز وزيادة الوعي لدى الناس في التعامل مع هؤلاء الأشخاص والتفاعل معهم.
  • قلّة فرص العمل: عند حرمان الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من التعليم، فقد يُحرموا أيضًا من العمل، لأنّ التوظيف لأي مواطن يعتمد على تعلّمه ومهاراته. ولذا فقد سعت الدولة بكافة مؤسساتها إلى جعل عام 2017 عام ذوي الاحتياجات الخاصة والتي أعلن عنه السيد الرئيس في مؤتمر الشباب بمدينة شرم الشيخ 2017، كما أتاحت الدولة نسبة في كل الوزارات والهيئات الحكومية التابعة للتنظيم والإدارة نسبة 5% من الوظائف الشاغرة لديها لذوي الاحتياجات الخاصة.
  • الشعور بعدم الكفاءة: إنّ بعض الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة يحتاجون وقتا أكثر عند القيام بعمل معين؛ إذ إنّ الإعاقة أحيانا تمنع القيام بالعمل بسهولة، وبالتالي فهذا يُسبب حزنا وغضبا للشخص المعاق.
  • المضايقة وسوء المعاملة: بعض الأشخاص متفوّقون في التنمّر وإهانة الآخرين، فغالبًا ما يتعرض ذوو الاحتياجات الخاصة لسوء المعاملة.
  • الحصول على الرعاية الصحيحة: غالبًا ما يسمع الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة جملا معينة، مثل أنا أعرف ما تمر به وأنت في هذه الحالة، أو أنا أعلم أن هذه الحالة صعبة عليك، لكن هذه الأنواع من الكلمات لا يُمكنها أن تحل المشاكل والعقبات التي يواجهها ذوو الاحتياجات الخاصة، لأنّه لا يستطيع أي شخص أن يعرف ما يشعر به هؤلاء الأشخاص.
  • تكوين العلاقات: إنّ بعض الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة غير مرغوب فيهم في العلاقات أو كشركاء في الحياة، وهذا يُسبب لهم الكثير من الحزن والوحدة.

الوسائط التكيفية المناسبة لذوي الاحتياجات الخاصة:

من الطبيعي عندما نقوم بإعداد محتوى إلكتروني تكيفي فإننا يجب أن نعتمد على الوسائط المتعددة والتفاعلية والفائقة، ولكن الأمر المستحدث بعد دخول عصر التعلم التكيفي أنه لم تعد أي وسائط متعددة تفي بالغرض، فحتى إعداد واختيار تلك الوسائط يجب أن يكون بطريقة تتناسب مع طرق التعلم.

فهناك وسائط بصرية تتناسب مع المتعلم صاحب الأسلوب البصري، وأخرى تتناسب مع المتعلم صاحب الأسلوب السمعي، وثالثة تتناسب مع المتعلم صاحب الأسلوب الحركي، وهكذا تجد أن الوسائط المتعددة والتي تتكون من الصوت والصورة والفيديو والرسوم والحركة تدعم فكرة المحتوى التكيفي.

فالتنوع في مكونات تلك الوسائط ساعد على إمكانية جعل المحتوى محتوى تكيفيا بطريقة سهلت من عملية إعداده، لذلك وبتطبيق معايير التعلم التكيفي على تلك الوسائط أصبح يوجد ما يسمى بالوسائط التكيفية، والتي تتناسب مع كل نمط من أنماط التعلم المختلفة، بل والتي تتناسب مع المستويات المعرفية المختلفة.

لم يعد التكيف يوجد في بيئة التعلم فقط، أو في المحتوى فقط، بل يجب أن يكون في وسائط الميديا المختلفة التي يتم دمجها مع المحتوى لأجل إعداد وتصميم محتوى إلكتروني تكيفي ذكي يمكن أن يتم تقديمه لكل متعلم وفقاً لما تحدده بيئة التعلم من نمط للتعلم.

ويمكن عرض تلك الوسائط بطريقتين هما:

  • الطريقة الأولى: من خلال دمجها مع المحتوى التكيفي داخل بيئة التعلم وذلك لتدعيم المحتوى المعروض بمزيد من التوضيح والتفسير للمتعلم.
  • الطريقة الثانية: وهي أنه يمكن استخدام تلك الوسائط بطريقة فردية دون دمجها مع المحتوى وذلك لأجل نفس الهدف السابق، لتدعيم المحتوى بأنشطة تعليمية تكيفية من شأنها أن تُبقي أثر التعلم في ذهن المتعلم أطول فترة ممكنه.

المهارات الحياتية الرقمية:

  • القراءة الإلكترونية: نظرًا لكون الإنترنت أصبح جزءًا لا غنى عنه في حياتنا، يمكن تعليم الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة كيفية استخدام محركات البحث للبحث عن المعلومات، كما يمكن أيضًا تدريبهم على قراءة الخرائط الإلكترونية والإشارات، حتى يتمكنوا من السفر داخل المجتمع بأنفسهم. كما يمكنهم أيضًا تعلم القراءة الموثوقة والسليمة من المواقع الموثوق فيها.
  • التعاملات الإلكترونية: شجعهم على تعلم كيفية إدارة شؤونهم المالية ومراقبة إنفاقهم. تحدث معهم عن عادات الإنفاق الجيدة وعن أهمية الادخار. علمهم كيفية إدارة حساب مصرفي وتتبع معاملاتهم ودفع الضرائب وجميع فواتيرهم في الوقت المحدد بطريقة إلكترونية من خلال بطاقات الائتمان الإلكترونية.
  • حسابات التواصل الاجتماعي: يجب الاهتمام بتعليم الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة كيفية إنشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، وكيفية تأمين الحسابات بكلمات مرور قوية، وإنشاء صداقات إلكترونية واقعية غير وهمية للانخراط في المجتمع، وكيفية إنشاء بريد إلكتروني وارسال واستقبال الرسائل البريدية الالكترونية.
  • الأمن الرقمي والسلامة الرقمية: يجب أن يتعلم الطلاب كيفية حماية أنفسهم من المخاطر الحياتية والإلكترونية من خلال معرفة أرقام الطوارئ والاسعافات والحرائق من خلال إرسال رسائل إلكترونية على صفحات الأمن والحماية المدنية، كما يجب تعليمهم كيفية إرسال الشكاوى والمقترحات الإلكترونية إلى الوزارات المختلفة من خلال الصفحات الإلكترونية الخاصة بها.
  • التعلم الذاتي الإلكتروني الموجه: يجب التشجيع على حب التعلم وعلى المهارات الاستقلالية لذوي الاحتياجات الخاصة، حاول الحد من التلفزيون وتشجيع الكثير من القراءة واللعب والاستكشاف المفتوح من خلال الكمبيوتر والإنترنت، كن نموذجًا للفضول والحماس للتعلم في حياتك الخاصة من خلال زيارة المكتبة معًا، والاحتفاظ بالمستلزمات الحرفية.
  • التسوق الإلكتروني: قد تكون الإعاقة عاملاً رئيسياً في عدم قدرة ذوي الاحتياجات الخاصة على قضاء حوائجهم التسويقية إلا بمساعدة شخص آخر، لذا يجب تعليميهم كيفية التسوق الإلكتروني من خلال الإنترنت عن طريق الشراء والبيع، وخدمة الطلب الإلكتروني ودفع الفواتير الإلكترونية، فهذا سوف يشعرهم بالثقة بالنفس والاعتماد على الذات وتحمل المسؤولية.

 


المراجع:

  • أحمد مصطفى حسن (2017): الإرشاد النفسي لأسر الأطفال غير العادين، ط 6، مكتبة المصطفى، مصر.
  • عايش صباح وآخرون (2016) الضغوط النفسية لدى أسر المعاقين، دراسات نفسية وتربوية، عدد 55، ديسمبر.

البحث في Google:





عن أحمد محمود عامر

محاضر تقنيات تعليم، مدرب تنمية بشرية، مستشار تدريب بمركز واعي للتدريب بالرياض- المملكة العربية السعودية، باحث دكتوراه تخصص مناهج وطرق تدريس تكنولوجيا التعليم بكلية التربية جامعة مدينة السادات - جمهورية مصر العربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *