فيروس كورونا

كورونا التعلم الإلكتروني

يواجه العالم على كوكب الأرض مخاطراً بين الحين والآخر، ودائماً ما يكون المخرج منها بالعلم، العلم وحده، حيث تلعب التكنولوجيا دورا مهما للغاية. فالأمم المتقدمة تسعى لمواجهة المخاطر من خلال سُبل ودراسات علمية، إلا أن الأمر هذه المرة كان أخطر وأسرع مما يتصور البعض.

إنه فيروس كورونا المستجد الذي أحدث حالة من الهلع والفزع بين جموع سكان الأرض، والذي انتابتهم الأزمات النفسية قبل معرفة ماذا تعني كورونا؟ وأين ظهرت؟ وما هو سبب ظهورها؟ وهل هناك علاج لمواجهة هذه الفيروسات؟ تساؤلات بدرت إلى أذهان الجميع بمجرد معرفة الأمر.

الأمر الواضح للجميع الآن أن فيروساً لا يرى بالعين المجردة كان قادراً على خلق حالة من الفوضى في هذا العالم، وإجبار الجميع على إعادة ترتيب مفردات حياته بما يتناسب مع إجراءات الوقاية منه. فقد دق هذا الفيروس المتفشي، والذي وصل إلى درجة الوباء أجراس الإنذار للانتباه لأشياء كثيرة من أهمها الحفاظ على النظافة الشخصية، وتبني نمط صحي وغذائي ورياضي متزن. ومن هنا يأتي دور التربية، من خلال ضرورة تربية الأبناء والنشء على قيم صحية حياتية طالما نادت بها التربية، بالأمس كانت ترفاً من وجهة نظر البعض، واليوم أصبح الجميع مجبراً، ودائماً ما يستجيب الإنسان إلى ما يُجبر عليه.

ولكن الأمر الحتمي والقاسي هو إيقاف الحياة والتي من مظاهرها (إغلاق المدارس، امتلاء المستشفيات والمصحات، إغلاق النوادي والأماكن العامة، إغلاق بعض المصالح الحكومية – إغلاق بيوت العبادة)، فتحول هذا الفيروس إلى تريند دولي يتحدث عنه الصغير والكبير والمريض والصحيح، وهذا وإن دل فيدل على خطورة الموقف وغموضه، ووصف لحالة الهلع لدى الجميع.

فهي بالطبع صراع بين الإنسان والفيروس المتفشي، وحرب بين سرعة انتشاره وقدرته على تغيير نفسه لأشكال عدة، وسرعة سعي الإنسان لإيجاد المصل الذي يقضي عليه للأبد، فلمن سيكون الانتصار؟ ولكن دعونا في هذه المقالة نركز على جانب من إيجابيات ما حدث في الجانب التعليمي.

كورونا التعلم الإلكتروني:

إذا كان فيروس كورونا معدياً لهذا الحد، فعلى الجانب الآخر أصبح التعلم والتعليم الإلكتروني في الوقت الحالي أمراً معدياً بشكل أكبر، ففي ظل الكوارث الطبيعية و الأزمات العالمية دائماً ما نلجأ إلى التكنولوجيا وأدواتها إما على سبيل الحل أو على سبيل المخرج من الأزمة بشكل مؤقت، ومن هنا ظهرت أهمية التكنولوجيا ووسائلها في مساعدة الإنسان على تخطي الأزمات.

فجميع الدول الآن بين خيار إيقاف الدراسة والتعليم بشكل كامل، أو اتباع سُبل إلكترونية بديلة، وفي هذا وتلك سوف نجد التكنولوجيا عاملاً أساسياً في حالات توقف سير الحياة اليومية بشكل طبيعي، حيث تلجأ إليها الناس لمتابعة الأخبار، وفي حالات أخرى لإتمام العام الدراسي والمهام الدراسية، ومن هنا يجب توضيح بعض الأمور الهامة في زمن الكورونا الإلكتروني:

  • أنه مهما حدث لا غنى عن التعليم النظامي والاتصال المباشر بين المعلم والمتعلم، وبالتالي لا غنى عن دور المدرسة والجامعة الواقعي بشكل أساسي وعلى مدار العصور مهما كان التقدم.
  • التكنولوجيا مخرج ومنفذ أساسي في الأوقات الصعبة، لذا لابد من سعي الجميع لتوفير بنية تحتية تكنولوجية قوية قادرة على مواجهة أي أزمات في أي وقت.
  • التحول الرقمي وعملياته واستراتيجياته مرهونة بوجود وإتاحة هذه البنية للجميع، فالوصول الرقمي حق يجب أن يتمتع به الجميع.
  • كشفت أزمة فيروس كورونا حقيقة الواقع التعليمي والعلمي في بلداننا، وحقيقة الإتاحة التكنولوجية الضعيفة على الجانب التعليمي، وهو ما يجب أن يوضع له حل بعد انتهاء الأزمة إن شاء الله.
  • على كل دولة أن تنشئ لها نظاماً تعليمياً إلكترونياً بديلاً تتم إتاحته في الأوقات العادية كأداة مساعدة في العملية التعليمية، وكأداة أساسية في أوقات الأزمات والكوارث المناخية أو الطبيعية أو المرضية.

مميزات أزمة كورونا المجتمعية والتعليمية:

  • وضعت العلم والعلماء في المقدمة، وهذا موضعهم الطبيعي، وجعلت النخبة الفارغة في ذيل المجتمع، وهذا هو الوضع الطبيعي لها أيضاَ.
  • قدمت أزمة حقيقية لتكشف الأفكار التي كانت متاحة في وقت الرخاء، وتضع لها حداً وحجماً، والحكم على مدى صلاحيتها وقدرتها على مواجهة الأزمات، وأخص بالذكر أفكار تطوير التعليم، والتي من الضروري أن تنبع من أزمة حقيقية حتى يكون التطوير حقيقيا.
  • أتاحت الفرصة للتطوير الحقيقي في كافة المؤسسات وعلى كافة الأصعدة، ووجود الخطط البديلة التي طالما تناولها الجميع في الكتب والكتابات، والتي لم تكن موجودة على أرض الواقع بشكل حقيقي.
  • لفتت الأنظار إلى تخصص ومتخصصي تكنولوجيا وتقنيات التعليم، والتي لم يشعر بهم أحد طوال الوقت، وكان دورهم للأسف مهمشا، فهم وفي ظل الأزمة يجب أن يكونوا في طليعة الأزمة على الجانب التعليمي والعلمي بل والمجتمعي، ومن هنا نقدم مجموعة من الأفكار يمكن تناولها في النقاط التالية.

أفكار كورونية للأزمات التعليمية:

  • الاهتمام بمواد الحاسب الآلي والتكنولوجيا بشكل أساسي غير قابل للمفاضلة في جميع المراحل التعليمية، وتطوير محتوياتها بما يواكب العصر الحالي.
  • تفعيل دور أخصائي تكنولوجيا التعليم من الحضانة ورياض الأطفال إلى الجامعة ومؤسسات تعليم الكبار، وأن تتاح له الصلاحيات لإحداث عمليات تطوير حقيقية سواء إلكترونية أو على أرض الواقع بمساعدة التكنولوجيا مع المعلم والمتعلم والإدارة التعليمية.
  • على الدولة أن تتيح الأجهزة الإلكترونية بأسعار مدعمة ومقسطة لكافة المتعلمين والطلاب والمعلمين في المراحل التي تسمح بذلك، وهذا يعتبر من ضمن معايير الوصول الرقمي والإتاحة الرقمية، وهذا حق للجميع يجب أن تكفله الدولة، وذلك لمساعدة غير القادرين على توفيرها.
  • تبني كل دولة لنظام تعليمي إلكتروني بشكل كامل لمواجهة مثل هذه الأزمات، وعدم ترك الأمور لكل فرد يستخدم الأدوات التي يريدها بشكل عشوائي، وهذا ما يؤدي إلى تشتت وتشتيت الجميع، لتضيع الجهود بين العديد من المنصات والأدوات، ومثال ذلك في المملكة العربية السعودية (نظام التعليم الموحد – بوابة المستقبل).
  • وضع الخطط اللازمة لإنتاج نظام تنمية مهنية إلكترونية حقيقية لتطوير قدرات المعلمين وأعضاء هيئة التدريس في الجانب التقني، وإتاحة الفرصة لمتخصصي تكنولوجيا التعليم في ذلك.
  • دمج التقنيات بشكل متدرج وطبيعي في أوقات التعليم العادية، فيمكنها أن تهيئ الطلاب لمثل هذه الظروف الصعبة.
  • أتمني النظر إلى نتائج وتوصيات ومقترحات البحوث ورسائل الماجستير والدكتوراه وتقييمها والأخذ بما يصلح منها لتفعيلها.

البحث في Google:





عن تامر الملاح

باحث و مطور في مجال تكنولوجيا التعليم و التربية، ومهتم بمشكلات التعليم، كلية التربية، جمهورية مصر العربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *