المواطنة العالمية

المواطنة العالمية و مكانتها في المنهاج الدراسي

تسعى المواطنة العالمية إلى إعداد الأفراد للتفاعل مع عالم يسوده تعدد الثقافات، والتغيير المتسارع، والمساهمة الفاعلة في قيادة العالم نحو التقدم والتطور. فهي تنظر إلى كوكب الأرض باعتباره وطناً للجميع يجب المحافظة عليه وصون موارده، وتنظر إلى جميع الناس باعتبارهم أسرة واحدة تحترم بعضها البعض، وتتعايش في إطار من التسامح والتفاهم واحترام الخصوصيات الثقافية لكل شعب. وإن معظم المشكلات التي تحدث في أي مكان لا يقف تأثيرها على فئة محددة من البشر بل تمتد إلى دول العالم، ومن هنا تعتبر عالمية المشكلات والقضايا ركيزة أساسية للاهتمام بالمواطنة العالمية. ويصبح من الضروري تزويد المتعلمين بالمعرفة والمهارات والقيم والاتجاهات التي تساعدهم على التكيف مع هذه المتغيرات ومواجهة تحدياتها بحكم انتمائهم للمجتمع العالمي، ويأتي الاهتمام بالمواطنة العالمية من منطلق مساهمتها في تحقيق بناء شخصية متكاملة قادرة على التفاعل الإيجابي مع الحاضر والمستقبل، كذلك تسهم بشكل فعال في النمو الروحي والأخلاقي والاجتماعي والثقافي لدى الفرد، فهي تجعله مواطناً عالمياً يسعى إلى فهم العالم، وقادراً على اتخاذ القرار المناسب، ويتحمل المسؤولية ولديه القدرة على المشاركة في تقديم الحلول للمشكلات الاجتماعية والسياسية والأخلاقية على المستويين المحلي والعالمي ولديه وعي بقيم المواطنة والانتماء واحترام الذات والآخرين وتنوع الثقافات وتعزيز قيم التعايش السلمي والتعاون بين الشعوب، وتعتبر المناهج التعليمية وسيلة لتنمية قيم المواطنة العالمية، كما يمكن دمج التربية للمواطنة في جميع المناهج التعليمية.

ونظراً لأهمية دعم فكرة المواطنة العالمية في عالمنا المعاصر المليء بالنزاعات والمشكلات فإن النظام التربوي في أي بلد على مستوى العالم مطالب بالمساهمة في السلم الدولي من خلال تطوير الإحساس بالمواطنة العالمية فالتربية من أجل المواطنة والتعليم العالمي هو الذي يعتمد على مبادئ التعاون ونبذ السلوك العدواني واحترام حقوق الإنسان والتنوع الثقافي، والتسامح والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، ويشجع على التفكير الناقد ومسؤولية المشاركة. والمناهج هي الوسيلة الأهم لتنمية المواطنة العالمية لدى الطلبة من خلال تناول مشكلات يعاني منها العالم وتعزيز مشاركة الطلبة في حل تلك المشكلات، والمشاركة الإيجابية في خدمة المجتمع المحلي والعالمي.

كما يعود على المعلم الدور الأساسي في تعزيز قيم المواطنة العالمية باعتباره الركن الأساسي من أركان العملية التعليمية. لذا يتوجب عليه الإلمام بالقضايا المحلية والعالمية. وأن يهيئ الفرصة لطلابه للمشاركة في الأنشطة المدرسية والمجتمعية والمشاريع ذات الصلة بالمواطنة العالمية.

مفهوم المواطنة العالمية

تعرف المواطنة العالمية بأنها إيمان الفرد بضرورة التعايش السلمي مع الثقافات الأخرى حول العالم وإلمامه بالقضايا العالمية ومشاركته في إيجاد الحلول المناسبة لها وشعوره بالانتماء إلى العالم أجمع، واحترامه لمبادئ المساواة وحقوق الإنسان والتسامح والعدالة الاجتماعية واهتمامه بالبيئة العالمية وأهمية المحافظة عليها.

وتعرف أيضاً بأنها مشاركة ووعي وإدراك الأفراد لواجبات والتزامات معينة تحقق الاندماج والتشارك وفق المعايير والقوانين والقيم التي تعلي من شأن الفرد وتنهض به، والمحافظة على مصالح البيئة العالمية، ومحققاً أهداف المسؤولية العامة من خلال الأطر الدولية والالتزام بقضايا ومشكلات العالم.

وهي مجموعة من القيم مثل الانتماء والمشاركة الفاعلة والديمقراطية والتسامح والعدالة والتي تؤثر على شخصية الفرد فتجعله أكثر إيجابية في إدراك ما له من حقوق وما عليه من واجبات نحو الوطن الذي يعيش فيه، وأمته والعالم بأسره.

متطلبات المواطنة العالمية

لتحقيق المواطنة العالمية لابد من:

  • التعايش مع الآخرين على اختلاف دياناتهم وأجناسهم ومذاهبهم الفكرية.
  • الوعي بحقوق الإنسان والعمل على صيانتها.
  • الإلمام الواسع بالموضوعات والقضايا المحلية والعالمية.
  • الانخراط في مؤسسات المجتمع المدني المحلية والعالمية.

مبادئ المواطنة العالمية

من مبادئ المواطنة العالمية ما يلي:

  • حقوق الإنسان وهي مجموعة القضايا الحياتية التي تعيشها الشعوب مثل حق التعليم، وحق تقرير المصير وغيرها.
  • التكنولوجيا وتشير إلى الوسائل العلمية التي يستخدمها الإنسان ويستفيد منها وإمكانية المجتمعات الاستفادة منها.
  • الإنسان والبيئة وهو التفاعل بين الإنسان والبيئة المحيطة وما ينتج عن ذلك التفاعل من آثار إيجابية وسلبية تلعب دوراً أساسياً في إحداث تغييرات نتيجة التلوث البيئي.
  • الديمقراطية وهي مشاركة الأمم والشعوب بالحكم على أساس العدل والمساواة واحترام الرأي واعتماد مبدأ تكافؤ الفرص.
  • التفكير العلمي وهو يعتمد على استخدام المنهج العلمي الذي يبدأ من الإحساس بالمشكلة وتحديدها وتعميم النتائج وامتلاك مهارات التفكير المختلفة.
  • الثقافات المتعددة وتهتم بالاطلاع على العادات والتقاليد لدى شعوب العالم وعلى أساس من الاحترام المتبادل واحترام التنوع الثقافي لتقليص الفجوة الثقافية وبدوره يؤدي إلى التقارب الثقافي بين شعوب العالم.

أبعاد المواطنة العالمية

للمواطنة العالمية أبعاداً عديدة أهمها:

  • السلام العالمي.
  • حقوق الإنسان.
  • البيئة.
  • التعددية الثقافية.
  • الاعتماد المتبادل.
  • التنمية المستدامة.

صفات المواطن العالمي

  1. يشعر بدوره كمواطن في العالم
  2. يدرك العالم الأوسع
  3. يحترم التنوع الثقافي في العالم
  4. يفهم الكيفية التي يعمل بها العالم
  5. يشترك على المستوى المحلي والعالمي
  6. يستعد أن يجعل العالم مكاناً أكثر إنصافاً واستدامة

أهداف التربية من أجل المواطنة العالمية

تهدف التربية من أجل المواطنة العالمية إلى:

  • توعية المواطنين من أجل العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
  • فتح بعد عالمي ونظرة شمولية لمساعدة الأفراد على فهم الحقائق والعمليات المعقدة في عالم اليوم، وعلى تطوير القيم والمواقف والمعارف والمهارات التي تمكنهم من مواجهة تحديات عالم مترابط.
  • تساعد المتعلمين على فهم بعض العمليات المعقدة التي تؤدي إلى العنف والصراع على المستوى الفردي والوطني والعالمي ومنع حدوثها أو حلها.
  • تعمل على تبني سلوكيات بناءة وغير عنيفة للنزاعات وذلك بتعزيز معرفة الثقافات الأخرى والتفاهم بين الثقافات المختلفة وتدعيم دور الأفراد كفاعلين نشطين من أجل عالم أكثر عدلاً وإنصافاً للجميع.
  • تؤدي إلى تطوير مجموعات تعلم حيث يتم تشجيع المتعلمين والمعلمين على العمل المشترك حول القضايا الشاملة.
  • تهدف إلى تشجيع وتحفيز المتعلمين والمعلمين على مقاربة القضايا الشاملة من خلال تعليم وبيداغوجية مجدة.
  • تحديث البرامج والممارسات التربوية الرسمية وغير الرسمية من خلال تقديم المواد والمنهجية الخاصة بها.
  • تهدف إلى قبول الاختلافات مع الآخرين والتداخل معهم وإعطاء الجميع فرصة التعبير والتصرف بشكل متضامن.
  • تساعد المتعلمين على إيجاد بدائل للقرارات الشخصية أو العامة والتفكير في عواقب خياراتهم وغرس روح المسؤولية الشاملة فيهم كمواطنين عالميين.
  • يعزز المشاركة في الفعل أي أنها تدعو المعلمين والمتعلمين للعمل بنشاط من أجل عالم أكثر عدلاً وإنصافاً.

معايير محتوى مناهج التربية من أجل المواطنة العالمية

  • يعزز المنهاج الوضع الدولي ويخلق شعوراً بالمسؤولية الشاملة.
  • يركز على إيجاد أسباب الصراع والعنف وتحديد ظروف السلام على المستوى الفردي والمجتمعي.
  • يعتمد على معرفة ترابط الظواهر وتاريخها فضلاً عن معرفة الظواهر في حد ذاتها.
  • اتباع نهج شامل وإقامة روابط بين مختلف المواضيع والتحقق من الترابط بين أسباب وآثار الفقر وتزايد الفوارق الاجتماعية.
  • يعتمد على المعارف الأساسية والقيم الإنسانية وتحديد أوجه التشابه والاختلاف بين وجهات النظر المختلفة.
  • يأخذ بعين الاعتبار الآفاق الثقافية المختلفة للمتعلمين والمعلمين ويرتكز بشكل إيجابي وبناء على المعرفة القائمة في مختلف نقاط العالم.
  • يساعد المتعلمين على تطوير مهارات محو الأمية الاجتماعية وعلى التعامل بطريقة بناءة مع المشاكل العالمية بجميع أبعادها من الشخصي إلى الشامل.
  • ارتباط الجانب النظري مباشرة بالتطبيق العملي ويوفر بذلك فرصاً للمتعلمين لكي يكونوا فاعلين كمواطنين عالميين مسؤولين.

كيفية تدريس قيم المواطنة العالمية وغرسها في المناهج

يعتبر وقت الطفولة من أفضل الأوقات وأكثرها أثرا ونجاعة لغرس القيم فالأطفال على استعداد لتعلم أي شيء جديد وتبنيه كعقيدة راسخة لديهم، حيث يقوم المعلم باختيار الطرق المناسبة لغرس أبعاد المواطنة العالمية مثل المسرحة والتمثيل والدراما التعليمية، السرد القصصي، الحوار والمناقشة، مجموعات التعلم التعاوني، المشاريع.

ويمكن وضع رؤية واضحة للمواطنة العالمية في المنهاج من خلال:

  • تعزيز البعد المعرفي حيث يتضمن تطوير القدرات التي تشمل مهارات التفكير، والتأكيد على حب الاستطلاع والرغبة في تكوين فهم أفضل عن العالم.
  • دعم التعلم للعمل وهو يبين تكييف التعليم من أجل خدمة عالم العمل على نحو أفضل.
  • دعم التعلم الفردي لتحقيق الذات والنمو الشخصي.
  • دعم التعلم من أجل العيش المشترك والبعد الاجتماعي وهو يقوم على تعليم المواطنة والمشاركة في الشبكات الاجتماعية.

في الختام يمكن القول إن المناهج الدراسية التربوية المتطورة لها دور حقيقي في تخريج أجيال متسلحين بسلاح العلم ويتخذون قرارات هادفة تعكس قيمهم ومعتقداتهم وتساعدهم على التطور والنمو، وقادرين على الترابط مع مجتمعات أخرى والعيش في مجتمع عالمي كذلك لابد من إعداد المعلمين لهذه الأدوار الجديدة وكيفية القيام بها، كذلك تضمين معايير المواطنة العالمية في المساقات الدراسية التي يدرسها الطلبة المعلمون في كلية التربية حتى تنتج معلما لديه الوعي بهذه المفاهيم ويكون باستطاعته إعداد متعلم عالمي قادر على مواجهة المشكلات والتحديات محبا للسلام يحترم ثقافة الاختلاف.

 


المراجع

  • بارعيده، إيمان والحربي، مها (2019): تصور مقترح لتضمين أبعاد المواطنة العالمية في محتوى كتاب الدراسات الاجتماعية والوطنية للصف الثاني المتوسط بالمملكة العربية السعودية، المجلة التربوية الدولية المتخصصة، المجلد 8، العدد 7، المملكة العربية السعودية.
  • السبيعي، نورة سعود (2013): أثر البرامج الحوارية في الفضائيات والفيس بوك والتويتر على تنمية قيم تربية المواطنة العالمية لدى طالبات كلية التربية بجامعة الكويت، دراسات عربية في التربية وعلم النفس، العدد 42، الجزء 3، الكويت.
  • الصارمية، بدرية بنت عبد الله (2012): واقع التربية من أجل المواطنة العالمية في سلطنة عمان من وجهة نظر معلمي الدراسات الاجتماعية، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة السلطان قابوس، سلطنة عمان.
  • الغافري، عواطف وآخرون (2020): قيم المواطنة العالمية ومبادئها في مناهج الفنون التشكيلية بسلطنة عمان _ دراسة تجريبية، مجلة البحوث الإسلامية، العدد 48، دار الكتب للطباعة والنشر، سلطنة عمان.
  • كابيزودو، أليسيا وآخرون (2008): الدليل التطبيقي للتربية من أجل المواطنة العالمية، ترجمة عفاف مبارك وطارق محضاوي، مركز الشمال- الجنوب لمجلس أوروبا – لشبونة.

البحث في Google:





عن فداء محمود الشوبكي

معلمة في وزارة التربية والتعليم - حاصلة على ماجستير في المناهج وطرق التدريس - شاركت في عدد من المؤتمرات والأيام الدراسية - نشرت لها بعض الأبحاث - غزة، فلسطين

4 تعليقات

  1. Mahmoud Ahmed

    Thanks for sharing us by this interested topic

  2. Mahmoud Ahmed

    Inform me about the new topics.

  3. مقال جيد مس جميع نقاط المواطنة العالمية

    • belamri abdelaziz

      المقال جيد والمفاهيم مثالية والأهداف نبيلة لكن هذه كلها بالنسبة لهم أنا نحن فيقولون عنا الآخر .
      وما يجري في وطننا العربي بصفة عامة وفي فلسطين بصفة خاصة أكبر دليل على ازدواجية المعاير وثنائية المفاهيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *